نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 322
المؤمنين فيما يفعلون من خير فتقع المكافأة عليه بنعم الدنيا ، ويجيئون يوم القيامة ولا حسنة لهم . ثم يذكر اللَّه الخالق موقفا لغير المؤمنين يستدعي العجب ، وهو تمنيهم الدفن في التراب ، وذلك حينما يكون الناس في موقف الحساب ، ويستحضر اللَّه الشهود على الأمم وهم الأنبياء بما يكون منهم من تصديق وتكذيب ، ويجاء بالنبي محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم شاهدا على هؤلاء المكذبين ، من قريش وغيرهم . روي أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان إذا قرأ هذه الآية : * ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) * فاضت عيناه وذرفت الدموع لأن شهادة أمة محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم على الأمم تعد من حالات الإعزاز والتكريم ، ولأن شهادة النبي على أمته والأمم السابقة شهادة قاطعة لا تقبل النقض والرفض . في هذا الموقف الاتهامي والوضع الرهيب لأهل المحشر يود الذين كفروا وعصوا الرسول ويتمنون لو يدفنون في التراب ، فتسوى بهم الأرض ، كما تسوى بالموتى ، وهم لا يستطيعون كتمان حديث أو كلام عن اللَّه لأن جوارحهم ( أعضاءهم ) تشهد عليهم ، بعد أن يختم اللَّه على أفواههم ، وتتكلم أيديهم وأرجلهم بتكذيبهم والشهادة عليهم بالشرك ، فلشدة الأمر يتمنون الدفن تحت التراب ، وشهادة الأعضاء بإنطاقها من اللَّه سبحانه ، كما قال جل جلاله في كتابه المجيد : ويَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّه [1] إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [2] ( 19 ) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وأَبْصارُهُمْ وجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ( 20 ) وقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّه الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وإِلَيْه تُرْجَعُونَ ( 21 ) وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ( 3 ) أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أَبْصارُكُمْ ولا جُلُودُكُمْ ولكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّه لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ( 22 ) وذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ( 23 ) [ فصلت : 41 / 19 - 23 ] .
[1] وهم المكذبون برسالات الرسل . [2] يساقون بعنف إلى جهنم . ( 3 ) تستخفون .
322
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 322