نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 276
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وصابِرُوا [1] ورابِطُوا [2] واتَّقُوا اللَّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( 200 ) ) * [ ال عمران : 3 / 196 - 200 ] . ذكر بعض الرواة : أن بعض المؤمنين قالوا : إن أعداء الله فيما نرى من الخير ، وقد هلكنا من الجوع والجهد ، فنزلت هذه الآية : * ( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ( 196 ) ) * . والمراد من الآيات أنه لا تغتر أيها المخاطب بما تراه في الدنيا من ظواهر الأشياء ، ولا تظن أن حال الكفار حسنة بما تراه عندهم من مظاهر الثراء والسعادة ، ولا تنزعج لذلك ، فإنهم يتقلبون في البلاد ويترددون في شؤون التجارة والكسب ، ويتمتعون بزخارف الدنيا ، وينتفعون بخيراتها ، ولكن تمتعهم بما لديهم قليل ، فهو قصير الأمد وزائل ، وكل زائل قليل . ثم يكون مصيرهم القاتم المدمر : وهو دخول جهنم ، وبئس المكان الممهد الموطأ لهم كالفراش ، وهذا على سبيل التهكم بوصف بلاط جهنم كأنه الفراش . وفي مقابل فئة الكفار نجد فئة المؤمنين الذين إذا قورن حالهم في الدنيا والآخرة بحال غيرهم ، ظهر الفرق جليا ، ليعرف المسلمون أنهم أسعد حالا في دنياهم ، وآخرتهم . هؤلاء المؤمنون الذين اتقوا ربهم بفعل الطاعات واجتناب المنهيات لهم جنات المأوى والنعيم ، تجري من تحت غرفها وبساتينها الأنهار ، نزلا معدا لهم كما يعد النزل للضيف من زاد وغيره ، وما أعد الله لهم خير لأهل البر الذين فعلوا الخير وأخلصوا فيه ، أي إنه خير مطلق محض لا يقارن به سواه ، ولا تفاضل بينه وبين غيره ، لأن ما أعد للكفار شر محض لا خير فيه . وإنصافا للحقيقة وإبرازا للحق والعدل ، أخبر القرآن الكريم أن بعض أهل
[1] غالبوا في الصبر . [2] أقيموا في الثغور الحدود المجاورة للأعداء مستعدين للجهاد .
276
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 276