نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 269
في الآخرة ، فبالتفكر في الموت تهون الأمور ، ولا يعبأ أحد بما يلقاه في الدنيا من مصاعب ومشكلات ومؤذيات ، فكل إنسان إلى الموت سائر ، فمن كان مسيئا لنفسه ودينه وأمته فإساءته محدودة موقوتة ، لا داعي للتضجر منها ولا التألم ، وسيجازى عليها جزاء أوفى . ومن كان مؤمنا عاملا الخير ، يوفى جزاءه وحقه كاملا غير منقوص يوم القيامة . ومن نحّي عن النار وأدخل الجنة ، فقد فاز فوزا عظيما ، لأن روحه سمت وغلبت صفاته الطيبة على نوازعه الشريرة ، واتجه بعمله لإرضاء الله سبحانه . وما حياتنا الدنيا التي نحياها ونشغلها بالماديات كالطعام والشراب ، أو بالمعنويات كالجاه والمنصب إلا أوضاع زائلة نتمتع وننتفع بها ، ثم تزول بسرعة ، والمفتون بالدنيا ومظاهرها مغرور مخدوع دائما ، لأن الحياة الدنيا وكل ما فيها من الأموال هي متاع قليل ، تخدع المرء وتمنّيه بالأباطيل ، فالواجب على العاقل ألا يغتر بالدنيا وألا يسرف في حبها ، وإلا أصابه شررها عند فراقها ، إنما الدنيا جسر للآخرة ، فمن أحسن العبور بالعمل الطيب لنفسه وأمته ، فقد أصاب الهدف ، وكان متعقلا واعيا . وليست الدنيا خالية من المصاعب والمتاعب ، ولا بد من أن يتعرض المرء فيها لألوان من الأذى والشدائد ، سواء في داخل الأمة والبلاد ، أم في خارج الديار من الأعداء ، لذا كان لا بد من الامتحان العسير في الحياة في الأموال والأنفس ، والاختبار في المال يكون من الله بطلب بذله في جميع وجوه الخير وفيما يعرض من حوائج وآفات ، والاختبار في النفس يكون بطلب الدفاع والجهاد في سبيل الله والتعرض للقتل والموت في الحرب وغيرها من أجل إسعاد الأمة برمتها . ويتعرض المسلمون في كل عصر لألوان من المحن والمؤامرات من المشركين وأهل الكتاب ، ويلحقون بهم الأذى الكثير في الاعتبار والكرامة والديار والطعن في الدين
269
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 269