نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 257
تركتم أماكنكم ؟ فقالوا : نخشى أن يقول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : من أخذ شيئا من مغنم فهو له ، وألا يقسم الغنائم كما لم يقسمها يوم بدر ، فقال لهم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : ألم أعهد إليكم ألا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمري ؟ فقالوا : تركنا بقية إخواننا وقوفا ، فقال لهم : بل ظننتم أننا نغل - أي نخون - ولا نقسم ، أي الغنيمة . ومعنى الآيات : أن اللَّه قد عصم أنبياءه من ارتكاب بعض الدناءات ، فلا يصح ولا يليق بمكانة نبي أن يأخذ شيئا من الغنائم ، لأن النبي هو المثل الأعلى في الخلق والكرامة للناس جميعا ، ومن أخذ شيئا في الدنيا بغير حق ، عوقب عليه في الآخرة ، ولا يظلم ربك أحدا بمؤاخذة من غير ذنب . ولا يعقل في ميزان الحق والعدل أن يسوّى بين الطائع والعاصي ، والمحسن والمسيء : * ( أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّه كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّه ) * . ) * [ ال عمران : 3 / 162 ] . والعدل يقضي أيضا بتفاوت درجات المحسنين ، وتباين منازلهم ، فمنازلهم في الجنة بعضها أعلى من بعض في المسافة أو التكرمة ، وكذلك المسيئون يعذبون في جهنم بألوان مختلفة من العذاب بحسب تفاوتهم في السوء وارتكاب الفواحش والمنكرات ، فهم في دركات متفاوتة من النار . وكان من أعظم النعم على المؤمنين : بعثة النبي المصطفى صلوات اللَّه وسلامه عليه ، إذ أرسله ربه رحمة للعالمين ، وكان من بين العرب قومه ، فهو من جنسهم ، وهو عربي من ولد إسماعيل ، فجدير بقومه العرب أن يكونوا سبّاقين إلى الإسلام ، والتصديق برسالة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، ورسالته إصلاح وإنقاذ لهم وللبشرية جمعاء ، يرشدهم إلى الإيمان الحق بالله عز وجل وينقذهم من ظلمات العقائد والأخلاق الفاسدة إلى نور الهداية الربانية والخصال الكريمة والمبادئ القويمة ، ويتلو عليهم آيات القرآن الدالة على قدرة اللَّه تعالى ووحدانيته وعلمه وكمال صفاته ، مثل قوله سبحانه :
257
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 257