نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 222
فذكروا ما بينهم ، فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف ، فأتى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فذكر ذلك له ، فذهب إليهم ، فنزلت هذه الآية : * ( وكَيْفَ تَكْفُرُونَ وأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّه وفِيكُمْ رَسُولُه . . ) * [ آل عمران : 3 / 101 ] * ( واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا ) * . أعدّ اللَّه الأمة للاجتماع والاتحاد ، فأمر الجميع بتقوى اللَّه تعالى ، والمعنى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه اتقاء حقا شاملا فيما استطعتم ، أي بالغوا في التقوى ، وأدوها كاملة حتى لا تتركوا شيئا من المستطاع ، وذلك بالتزام أوامر اللَّه واجتناب نواهيه ، بأن يطاع اللَّه فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا ينسى ، ومعنى قوله تعالى : * ( ولا تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) * : دوموا على الإسلام حتى يوافيكم الموت وأنتم عليه ، والإسلام : هو المعنى الجامع للتصديق في القلب وأداء الأعمال ، وهو الدّين عند اللَّه ، وهو الذي بني على خمس معروفة . وبعد توحيد العقيدة والعمل ، أمر اللَّه تعالى بالتمسك بكتاب اللَّه وعهده واتباع سنة نبيه ، وهذا هو حبل اللَّه ، وتسمى العهود والمواثيق حبالا ، وحبل اللَّه الذي أمر باتباعه : هو القرآن ، أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « كتاب اللَّه : هو حبل اللَّه الممدود من السماء إلى الأرض » . ثم نهى اللَّه عن التفرق أبدا ، فإن الداء العضال في الفرقة والانحلال . ويكون التزام الجماعة بعد الاعتصام بالكتاب والسنة هو سبيل الوحدة ، والبعد عن التفرق . أخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال : « إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة قيل : يا رسول اللَّه ، وما هذه الواحدة ؟ فقبض يده وقال : الجماعة ، ثم قرأ : * ( واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا ) * . وقد كان العرب الجاهليون في حروب مستعرة وعداوات وأحقاد ، وبخاصة
222
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 222