نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 193
والمانع نفسه من شهواتها ، وهو نبي صالح يوحى إليه ، وهذه بشارة أخرى بنبوة يحيى ، بعد البشارة بولادته . تعجب زكريا عليه السلام من هاتين البشارتين ، فقال : كيف يكون لي غلام ، وقد أصبحت كبير السن ، وامرأتي عقيم لا تلد ، فأجابته الملائكة : كذلك اللَّه يفعل ما يشاء ، أي مثل ذلك الخلق غير المعتاد الحاصل مع امرأة عمران ، يفعل اللَّه ما يشاء في الكون . فطلب زكريا من ربه أن يجعل له علامة تدل على الحمل ووجود الولد منه ، استعجالا للسرور ، أو ليشكر تلك النعمة ، فجعل اللَّه علامة ذلك ألا يقدر على كلام الناس مدة ثلاثة أيام متوالية ، إلا بالإشارة والرمز بيد أو رأس أو نحوهما . وأمره اللَّه أن يذكر ربه ويكبره ذكرا كثيرا ، ويسبّحه أو ينزهه عما لا يليق به طوال الوقت ، ولا سيما عند الصباح والمساء . واذكر أيها النبي حين قالت الملائكة لمريم : يا مريم ، إن اللَّه لكثرة عبادتك وزهدك اختارك رمزا لسمو الأخلاق والصفات ، وطهرك من الأكدار والعيوب ، والوساوس والدناءات ، وطهرك من عادات النساء كالحيض والنفاس والولادة من غير جماع ، وفضلك على نساء العالمين في زمانك . يا مريم ، الزمي الطاعة والخضوع والخشوع لله ، واسجدي له مع التعظيم ، وصلَّي جماعة مع المصلين . تلك القصص التي أخبرناك عنها أيها النبي ، من أخبار زكريا ويحيى ومريم : هي من أخبار الغيب التي لم تطلع عليها أنت ولا أحد من قومك ، وإنما هي بالوحي الذي أوحينا به على يد جبريل الأمين ، ولم تكن حاضرا معهم حينما جاءت امرأة عمران ، وألقت مريم في بيت المقدس ، وتنافس الأحبار في رعايتها وخدمتها .
193
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 193