نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 159
نزلت هذه الآية في أهل الصّفّة ، وهم فقراء المهاجرين الذين هاجروا مع رسول اللَّه ، وتركوا مالهم في مكة ، وكان عددهم زهاء أربع مائة رجل ، ولم يكن لهم مأوى ، فكانوا يأكلون عند النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، ثم يبيتون في المسجد تحت مكان مسقوف يقال له ( الصفة ) وكانوا متخصصين للجهاد وحفظ القرآن الكريم والخروج مع السرايا التي يرسلها النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فهم جنود الجيش وطلاب العلم . ومن صفات المعطى لهم الصدقة : العجز عن العمل أو التجارة والكسب ، بسبب ضعف أو كبر أو ضرورة ، ومن صفاتهم التعفف ، فهم الذين يحسبهم الذي يجهل حالهم أغنياء من عفتهم وصبرهم وقناعتهم ، فعندهم عزة المؤمنين وتوكل المتوكلين . ومن صفاتهم وعلاماتهم : الضمور والنحول والضعف ، ورثاثة الثياب ، وهذا متروك لفراسة المؤمن ، فربّ فقير مظهره حسن ، وغني ذو ثياب رثة . ومن صفاتهم : عدم الإلحاح في السؤال ، فهم لا يسألون ولا يستجدون أصلا ، أو لا يسألون الناس ملحين أو ملحفين في المسألة ، قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فيما رواه أحمد والنسائي : « لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرّة سوي » أي قادر على العمل . ثم سوّى القرآن الكريم بين صدقة السر وصدقة العلانية في الأجر والثواب ، فقال اللَّه تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 274 ] * ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 274 ) ) * [ البقرة : 2 / 274 ] . قال الكلبي : لما نزل قوله تعالى : * ( وما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّه يَعْلَمُه . . . ) * [ البقرة : 2 / 270 ] قالوا : يا رسول اللَّه ، صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية ؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية . فمن تصدق بشيء لله سرا أو علنا ، فله الأجر الكامل عند ربه الذي رباه وتعهده في بطن أمه وبعد ولادته ، ولا خوف عليه أصلا في الدنيا ولا في الآخرة ، ولا هو يحزن أبدا ، وهكذا كل من سار على نهج القرآن واهتدى بهديه ، فأولئك هم المفلحون .
159
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 159