نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 917
واللَّه عليم بمن يهدي إلى الرشد ، وحكيم فيما ينفذه من تنعيم من شاء ، وتعذيب من شاء ، لا رب غيره ولا معبود . وقوله سبحانه : * ( إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) * دليل على أنه لا حكم إلا أحد هذين الأمرين : وهو إما التعذيب وإما التوبة ، أما العفو عن الذنب من غير توبة فغير معتبر ولا منتظر ، إلا إذا اقتضت الرحمة الإلهية أن تشمل بعض الخلائق ، فهذا مرده إلى اللَّه تعالى من قبيل الفضل والرحمة ، لا بحسب منهج الحق والعدل . بل إن الثواب ودخول الجنان لا يكون بغير فضل اللَّه ورحمته ، لأن أعمال الناس مهما عظمت لا تساوي شيئا أمام أفضال اللَّه ونعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى . روى البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : « لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة . قالوا : ولا أنت ؟ قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني اللَّه بفضل ورحمة » وفي رواية أخرى عن عائشة : « سدّدوا وقاربوا ، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة ، وأن أحبّ الأعمال إلى اللَّه أدومها وإن قل » . ومعنى : سددوا : اقصدوا السداد من الأمر ، وهو الصواب ، وقاربوا : اطلبوا المقاربة وهي الاعتدال في الأمر الذي لا غلو فيه ولا تقصير . مسجد الضرار ومسجد التقوى يعقد الحق تعالى في العادة مقارنة بين الأوضاع والأشياء المتضادة ، لتحقيق العبرة ، والتوصل إلى الإصلاح ، ومحاربة الفساد ، وتخليد آثار الصالحين ، والاتعاظ بجرائم المفسدين الضالين . ومن هذه المقارنات بيان أغراض المنافقين في بناء مسجد الضرار في المدينة ، والتعريف بغايات المؤمنين الأتقياء في بناء مسجد التقوى : مسجد قباء في أول عمل قام به النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعد هجرته مع صحبه إلى المدينة المنورة ، قال اللَّه تعالى :
917
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 917