نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 916
[ سورة التوبة ( 9 ) : آية 106 ] * ( وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ ( 1 ) لأَمْرِ اللَّه إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ واللَّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 106 ) ) * [ التوبة : 9 / 106 ] . هؤلاء النفر الثلاثة موقوفون مرجون ، أي مرجؤون مؤخرون لأمر اللَّه في شأنهم ، ولا يدري الناس ما ينزل فيهم ، هل يتوب اللَّه عليهم أو لا ؟ وقد نهى الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن مجالستهم ، وأمرهم باعتزال نسائهم وإرسالهن إلى أهلهن ، إلى أن نزلت آية التوبة عليهم في قوله سبحانه : لَقَدْ تابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ والْمُهاجِرِينَ والأَنْصارِ . . إلى قوله : وعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا . . أي تخلفوا عن التوبة . وهم مرارة بن الربيع ، وكعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، قعدوا عن غزوة تبوك في جملة من قعد كسلا وميلا إلى الدعة والحفظ ، وطيب الثمار والظلال ، لا شكا ونفاقا . وقد تردد في هذه الآية البت في شأنهم بين أمرين : التعذيب والتوبة . وترك أمرهم غامضا ، لا للشك ، فالله تعالى منزه عنه ، وإنما ليكون أمرهم على الخوف والرجاء ، وإثارة الغم والحزن في قلوبهم ، ليقدموا على التوبة ، ويصير أمرهم عند الناس على الرجاء ، فجعل أناس يقولون : هلكوا إذا لم ينزل اللَّه تعالى لهم عذرا ، وآخرون يقولون : عسى اللَّه أن يغفر لهم . ومما لا شك فيه أن القوم كانوا نادمين على تأخرهم عن غزوة تبوك ، فلم يحكم الحق تعالى بكونهم تائبين لأن الندم وحده لا يكون كافيا في صحة التوبة ، ثم ندموا على المعصية لكونها معصية ، فصحت توبتهم . واللَّه عليم بمن يستحق العقوبة ممن يستحق العفو ، وبما يصلح عباده ويربّيهم ، حكيم في أفعاله وأقواله ، وفيما يشرعه لهم من الأحكام المؤدية لهذا الصلاح . ومن حكمته تعالى : إرجاء النص على توبتهم .
( 1 ) مؤخرون لا يقطع لهم بتوبة .
916
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 916