نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 849
وهذا معنى قوله تعالى : * ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه سَكِينَتَه . . ) * أي أفرغ اللَّه طمأنينته وثباته على رسوله وعلى المؤمنين الذين كانوا معه ، وأنزل جنودا لم تروها ، وهم الملائكة ، وعذّب الذين كفروا بسيوفكم بالقتل والسبي والأسر ، وذلك هو جزاء الكافرين في الدنيا ، إلا أن الملائكة لم تقاتل في هذه الموقعة ، كما قاتلت يوم بدر . وبما أن الإسلام دين الرحمة ، فإن اللَّه تعالى فتح باب الأمل أمام الكفار مبينا لهم أنه يتوب اللَّه بعد هذا التعذيب الذي حدث في الحرب على من يشاء ممن عصى وكفر ، بأن يزيل عن قلبه الكفر ، ويخلق فيه الإسلام ، واللَّه غفور لمن تاب ، رحيم بمن آمن وعمل صالحا ، وقد تاب اللَّه على بقية هوازن ، فأسلموا ، وقدموا على النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مسلمين ، ولحقوه ، وقد قارب مكة عند الجعرانة [1] بعد الوقعة من عشرين يوما ، ورد عليهم سبيهم وكانوا ستة آلاف ، ما بين صبي وامرأة ، وقسم النبي أموالهم بين الغانمين ، وتحقق النصر بفضل اللَّه ، وفي ذلك اليوم قتل دريد بن الصمة القتلة المشهورة ، قتله ابن الدّغنّة ، واللَّه يؤيد بنصره من يشاء . موقف المسلمين من المشركين وأهل الكتاب تميز موقف المسلمين من غيرهم بما يناسب حال أعدائهم ، أما المشركون الوثنيون فلم يقبل الإسلام منهم عهدا ولا وعدا ، وحرّم عليهم دخول المسجد الحرام ، تطهيرا من رجس الوثنية ، وأما أهل الكتاب الذين يلتقون في الجملة مع المؤمنين بعقيدة الإيمان باليوم الآخر ، فقبل الإسلام منهم العهد والمسالمة ، والتعايش السلمي في ديار المسلمين ، دون إزعاج ولا إكراه على الدين ، قال اللَّه تعالى مبينا هذين الموقفين :