responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 695


بهم فجأة ، من غير شعور بمجيئه ، ولا استعداد لتفاديه ، وهذا اللون من التربية الفعلية الميدانية هو السائد المتّبع في إهلاك الشعوب الكافرة السابقة كقوم نوح وعاد وثمود ، وقوم لوط وشعيب . قال اللَّه تعالى :
[ سورة الأعراف ( 7 ) : الآيات 94 الى 95 ] * ( وما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ والضَّرَّاءِ ( 1 ) لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ( 2 ) ( 94 ) ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا ( 3 ) وقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ والسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً ( 4 ) وهُمْ لا يَشْعُرُونَ ( 95 ) ) * [ الأعراف : 7 / 94 - 95 ] .
هذه الآية خبر من اللَّه عزّ وجلّ أنه ما بعث نبيّا في مدينة وهي القرية ، إلا أخذ أهلها المكذّبين له بالبأساء وهي المصائب في الأموال والهموم وعوارض الزمان من حرب أو فقر أو غيره ، والضّراء : وهي المصائب في البدن أو المعيشة كالأمراض ونحوها ، وذلك لكي يتضرّعوا ، أي يدعو اللَّه ويخشعوا ، أو يظهروا الضّراعة والخضوع والابتهال إلى اللَّه تعالى في كشف ما نزل بهم . هذه سنّة اللَّه في الخلق والشعوب ، ولن تجد لسنّة اللَّه تبديلا ، يرسل اللَّه الشدائد لعلها تعيد الإنسان إلى ربّه ، وتردّه عن غيّه ، فإن اتّعظ وانزجر ، ربح ، وإن أبى واستكبر ، خسر ، وهؤلاء هم كثير من الناس ، لا تردعهم الرّوادع . وقوله سبحانه : * ( لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ) * ترجّ بحسب اعتقاد الناس وظنونهم ، أو تعليل لما سبق ، فيكون ذلك مدعاة إلى انقيادهم إلى الإيمان ، وهذا هو شأن العقلاء الواعين .
واقتضت رحمة اللَّه وتربيته أنه سبحانه يأتي بالفرج بعد الشّدة ، وباليسر بعد العسر ، فبعد إنزال البأساء والضّراء ، يحوّل اللَّه الشّراع من شدّة إلى رخاء ، ومن فقر إلى غنى ، ومن مرض إلى صحة وعافية ، ليشكروا اللَّه على ذلك ، ولكنهم لم يفعلوا .
إنه سبحانه يبدّل مكان السيئة الحسنة ، أي مكان البأساء والضّراء من فقر ومرض


( 1 ) الفقر والمرض . ( 2 ) يتذلَّلون ويخضعون . ( 3 ) كثروا . ( 4 ) فجأة .

695

نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 695
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست