نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 668
لعلمهم بأن أهل الجنة يسمعون نداءهم ، وكأنهم يظنون أن أصحاب الجنة قادرون على نجدتهم والإشفاق عليهم ، وقد حكى القرآن الكريم خبر هذا النداء فقال اللَّه تعالى : [ سورة الأعراف ( 7 ) : الآيات 50 الى 51 ] * ( ونادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا ( 1 ) عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّه قالُوا إِنَّ اللَّه حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ ( 50 ) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً ولَعِباً وغَرَّتْهُمُ ( 2 ) الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ ( 3 ) كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ ( 51 ) ) * [ الأعراف : 7 / 50 - 51 ] . هذا مشهد من مشاهد أهل النار يوم القيامة ، يعبر عن سوء حالهم ، ويدل على مدى الذل والانكسار الذي يسيطر عليهم ، فيطلبون من أهل الجنة أن يمدوهم بشيء من الطعام والشراب ، طمعا في الفرج ، وأملا في النجاة . والأشنع على الكافرين في مقالتهم لأهل الجنة : أن بعضهم يرى بعضا ، وذلك أخزى وأنكى للنفس . إنهم يطلبون من أقاربهم أن يفيضوا عليهم من الماء للإبراد ، أو مما رزقهم اللَّه من الأطعمة والأشربة غير الماء . إنهم يستغيثون ويستجيرون مع علمهم بأنهم لا يجابون أبدا ، بسبب حيرتهم في أمرهم ، وشدة حاجتهم إلى الماء ، كما يفعل كل مضطر كالغريق وغيره ، يستنجد ويصرخ وهو يعلم أنه لا أمل في النجاة ، وأن اليأس هو الغالب . ويؤكد ذلك أي فقد الأمل : أن أهل الجنة يبادرون إلى الجواب قائلين : إن اللَّه تعالى منع الكفار شراب الجنة وطعامها . قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما : لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة ، طمع أهل