نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 597
[ سورة الأنعام ( 6 ) : الآيات 114 الى 115 ] * ( أَفَغَيْرَ اللَّه أَبْتَغِي حَكَماً ( 1 ) وهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّه مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( 2 ) ( 114 ) وتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِه وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 115 ) ) * [ الأنعام : 6 / 114 - 115 ] . يأمر اللَّه نبيّه أن يقول للمشركين : ليس لي أن أطلب قاضيا بيني وبينكم ، لأنه لا حكم أعدل من حكم اللَّه ، ولا أصدق من قوله ، فلا فائدة من طلبكم دليلا مادّيا على صدق نبوّتي ، فهناك دليلان واضحان يؤيّدان رسالتي ، وهما الآية الكبرى وهي القرآن المعجز الدّال بإعجازه على أنه كلام اللَّه ، واشتمال التوراة والإنجيل على ما يدل على أني رسول اللَّه حقّا ، وأن القرآن كتاب حقّ من عند اللَّه تعالى . وإن أنكر المشركون أحقّيّة القرآن وكذّبوا به ، فإن اليهود والنّصارى أهل الكتاب يعلمون أن القرآن منزل من ربّك بالحق ، بما ورد لديهم من البشارات بنبوّة خاتم الأنبياء ، كما أبان اللَّه تعالى : * ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَه كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وهُمْ يَعْلَمُونَ ( 146 ) ) * [ البقرة : 2 / 146 ] . فلا تكونن يا محمد من المتردّدين الشّاكّين ، وهذا تعريض بمن يتردّد أو يشكّ ، كما في آية أخرى : فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ( 94 ) [ يونس : 10 / 94 ] . فالواقع أن النّبي لم يشكّ وإنما قال : « لا أشكّ ولا أسأل » . وتم كلام اللَّه وهو القرآن ، فلا يحتاج إلى إضافة شيء فيه ، وأصبح كافيا وافيا بإعجازه وشموله ، ودلالته على الصدق ، فهو صادق فيما يقول ، عدل فيما يحكم ، صدقا في الإخبار عن الغيب ، وعدلا في الطلب ، فكل ما أخبر به فهو حق لا مرية فيه ولا شك ، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه ، وكل ما نهى عنه فهو
( 1 ) أي قاضيا بيني وبينكم . ( 2 ) أي من الشّاكّين المتردّدين .
597
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 597