نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 565
وصدق ليس وراءه أصدق منه . قل أيها النّبي للمشركين : لست بموكل بكم ولا حفيظ ، ولا بمدفوع إلى أخذكم بالإيمان وإجباركم على الهدى ، فأنتم بملء حرّيتكم تختارون الإيمان وتتركون الضلالة والكفر . ثم أعلن القرآن قاعدة عامة في التّهديد والوعيد على التّكذيب بالقرآن أو بالعذاب ، فقال اللَّه تعالى : * ( لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( 67 ) ) * أي لكل خبر غاية ونهاية يعرف عندها صدقه من كذبه ، وسوف تعلمون يقينا صدق الخبر وحقيقة الوعد والوعيد ، وهو وعد اللَّه رسوله بالنصر على أعدائه ، ووعيده لهم بالعذاب في الدنيا والآخرة ، قال اللَّه تعالى : * ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآفاقِ وفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّه الْحَقُّ أَولَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 53 ) [ فصّلت : 41 / 53 ] . وإذا تفضّل اللَّه على هذه الأمة المؤمنة برفع عذاب الاستئصال إكراما لنبيّها ، فلم يبق بينهم داء إلا الفرقة والشّتات ، والنّزاع والخلاف ، فليحذروه ليكونوا أمة مهابة بين الأمم ، وعنوانا طيبا رفيعا لرسالة الحقّ والقرآن . جزاء المستهزئين بالقرآن يوجد في كل أمّة أناس يعادون القيم الدينية والإنسانية والحضارية ، لسوء في طباعهم ، وانحراف في سلوكهم ، وتأثّرا بأهوائهم وشهواتهم ، ومن هؤلاء نفر من المشركين المكيّين كانوا يستهزئون بالقرآن المجيد ، ويناصرون الأوثان والأصنام ، وذلك منتهى التّردي في الإنسانية وإهدار الكرامة وإهمال العقل ، ومثل هؤلاء لا يفيدهم نقاش ولا جدال ، وأفضل شيء معهم هو التّرفع والإعراض عنهم ، وإهمالهم وتركهم سادرين في ضلالهم ، انتظارا لعذاب اللَّه الذي يوقعه بهم في الدنيا والآخرة .
565
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 565