نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 530
صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فيكون معه نذيرا ، ومؤيّدا له ونصيرا ، فردّ اللَّه عليهم أولا بأنه لو أنزل اللَّه معه ملكا كما اقترحوا ، لقضي الأمر بإهلاكهم ، ثم لا يمهلون ليؤمنوا ، بل لجاءهم من اللَّه العذاب ، كما قال اللَّه تعالى : * ( ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ ) * [ الحجر : 15 / 8 ] . وردّ اللَّه عليهم ثانيا بأنه لو أنزل اللَّه مع الرسول البشر ملكا ، لكان متمثّلا بصورة الرجل ، ليخاطبهم ويخاطبوه ، وينتفعوا به ، ثم يعود الأمر كما كان ، ويقعون في اللَّبس والاشتباه نفسه ، ويختلط الأمر عليهم ، لأنه سيقول : إني رسول اللَّه كما قال محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، ثم يكذّبونه فلا يؤمنون ولا يصدّقون برسالة القرآن والنّبي والإسلام . قال ابن عباس في الآية : لو أتاهم ملك ، ما أتاهم إلا في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النّور . ثم أخبر اللَّه تعالى أن اقتراحات بعض كفار مكة بإنزال كتاب مدوّن من السماء ، أو بإنزال ملك من الملائكة ، صادرة على سبيل الاستهزاء ، ولكنه قد نزل وأحاط بهم من العذاب مثلما كانوا به يستهزئون أو يسخرون . وإن ارتاب المشركون في إمكان وقوع العقاب ، فليسيروا وينتقلوا في الأرض ليقفوا بأنفسهم على الحقيقة من تاريخ عاد وثمود وطسم وجديس وقوم فرعون وإخوان لوط ، كيف عذّبهم اللَّه ، وكيف كانت عاقبة المكذّبين لرسالات أنبيائهم ، وكيف أحاط بهم جزاء ما استهزؤا وسخروا به . أدلَّة واضحة على إثبات البعث تضافرت الآيات الدّالة على إثبات أصول الدين الثلاثة : وهي إثبات وجود اللَّه وتوحيده ، وإثبات البعث والمعاد والجزاء ، وإثبات النّبوة ورسالة محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، وكل هذه البراهين الواقعية والحجج الدامغة من أجل خير الإنسان وإسعاده وإفهامه حقيقة
530
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 530