نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 328
وأخطر الأمور ، في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا ضرر في الصحة والسمعة والاعتبار الأدبي ، وفي الآخرة ضرر دائم محقّق بالعذاب في نيران جهنم . ومن أجل خير الإنسان ونفعه والحفاظ على مصلحته وكرامته حرّم الشرع المعاصي والمنكرات ، وأوعد مرتكبيها بالجزاء الشديد والعقاب الأليم ، غير أن اللَّه الرحيم بعباده فتح لهم باب الأمل وأزال من النفوس رواسب اليأس والإحباط ، ورغب في العودة إلى الجادة المستقيمة ، والالتزام بمرضاة اللَّه تعالى ، فوعد سبحانه التائبين المحسنين أعمالهم بالمغفرة ، أي ستر الذنب وإسقاطه وجعل للمغفور له أن يدخله الجنة بلا عذاب ولا عقاب ، لكن من شاء عذّبه من المؤمنين بذنوبه ، ثم يدخله الجنة . قال اللَّه تعالى مبينا دستوره في الوعد والوعيد : [ سورة النساء ( 4 ) : آية 48 ] * ( إِنَّ اللَّه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ومَنْ يُشْرِكْ بِاللَّه فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً ( 48 ) ) * [ النساء : 4 / 48 ] . هذه الآية مسوقة للرد على أولئك الذي يحلمون بمغفرة اللَّه من دون الإيمان ، قائلين : ( سيغفر لنا ) بالرغم مما يفعلون ويرتكبون . وسبب نزولها كما جاء عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللَّه عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فقال : إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام ، قال : وما دينه ؟ قال : يصلي ويوحد اللَّه ، قال : استوهب منه دينه ، فإن أبى فابتعه منه ، فطلب الرجل ذلك منه ، فأبى عليه ، فأتى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فأخبره ، فقال : وجدته شحيحا على دينه ، فنزلت : * ( إِنَّ اللَّه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) * . وهذه الآية مخصصة لقوله تعالى : * ( قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( 53 ) ) * [ الزمر : 39 / 53 ] . أي إن كل الذنوب والمعاصي قابلة للغفران ما عدا جريمة الشرك ، أي نسبة الولد والشريك والصاحبة لله عز وجل ، فالشرك أعظم الجرائم عند اللَّه تعالى لأنه يمنع
328
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 328