نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 265
وما كان الله ليترك المؤمنين على حالهم ، حتى يميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب ، لأن بهذا التمييز والغربلة يعرف المخلصون ، وينقّى المجتمع من بذور الشر والفتنة والفساد ، ويكون هذا التمييز لاختبار المؤمنين بالشدائد والمصائب ، قال تعالى : * ( ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ والصَّابِرِينَ ونَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ( 31 ) [ محمد : 47 / 31 ] . وما كان الله ليعلمكم حقيقة أنفسكم بطريق الغيب ، وإنما يعلمكم بالحقائق في ميدان التجربة والممارسة والتكاليف ، فذلك الميدان هو الدليل القاطع على إخلاص المؤمن ، وتردد المنافق وجبنه . لا بد من أن يمر الناس في عالم الدنيا بمرحلة الابتلاء والاختبار ليظهر الصادقون من الكاذبين ، أما مرتبة الاطلاع على الغيب فهي مختصة بمن يختارهم الله من خلقه للرسالة والنبوة ، وإذا أطلع الله رسوله على بعض الغيب ، وأخبر به الناس ، فيكون منهم الذين يؤمنون بالغيب ومنهم الكافرون ، والإيمان بالله ورسله وغيبياته وتقوى الله محقق للثواب العظيم والرضوان الإلهي . والغيب : كل ما غاب عن البشر ، مما هو في علم الله من الحوادث التي تحدث ، والأسرار التي يبطنها المنافقون ، والأقوال التي يقولونها إذا غابوا عن الناس . تبين لدينا : أن تآمر الأعداء على المؤمنين لن يحقق فائدة تذكر ، وأن الخوف منهم يتصادم مع شرف الإيمان ، والإيمان والتقوى أمران أساسيان في تحقيق الظفر والنصر في الدنيا ، والأجر العظيم في الآخرة . البخل بالمال والإنفاق في سبيل الله إن بناء المجد والحضارة للأمة ، والدفاع عن شرفها وعزتها وكيانها يتطلب جانبا مهما في الحياة العملية ألا وهو الإنفاق في سبيل الله ، والبعد عن البخل والشح ، والتضحية بشيء من المال كالتضحية بالنفس والنفيس .
265
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 265