نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 145
قال اللَّه تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 254 ] * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيه ولا خُلَّةٌ ( 1 ) ولا شَفاعَةٌ والْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ( 254 ) ) * [ البقرة : 2 / 254 ] . هذه الآية - كما قال ابن جريج - شاملة الزكاة المفروضة والتطوع ، وهذا صحيح ، فالزكاة واجبة ، والتطوع في وجوه الخير مندوب إليه . وظاهر الآية يراد بها جميع وجوه البّر : من سبيل خير ، وصلة رحم ، وبناء مسجد أو مشفى أو مدرسة ، وإحسان إلى فقير ، وتسليح جيش وإغاثة ملهوف ، وإعانة منكوب ، وإعطاء مفلس أو ابن سبيل منقطع عن السفر إلى بلاده ، يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود في مراسليه : « حصّنوا أموالكم بالزكاة ، وداووا مرضاكم بالصدقة » . ندب اللَّه تعالى بهذه الآية إلى إنفاق شيء مما أنعم به ، وحذر تعالى من البخل أو الإمساك إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك نفقة في ذات اللَّه ومن أجل رضوان اللَّه ، ذلك اليوم الذي لا يجد فيه الإنسان ما ينجيه أو يؤازره غير عمله الصالح ، وعقيدته الصحيحة ، لا تنفع فيه الصداقة والمحبة أو الخلَّة ، ولا تفيد فيه شفاعة الشفعاء والوسطاء ، فهذا يوم الجزاء والثواب والعقاب ، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى اللَّه بقلب سليم . يوم يظهر فيه فقر العباد إلى اللَّه الواحد القهار ، والكافرون بنعم اللَّه الجاحدون حقوق المال المشروعة هم الظالمون لأنفسهم فقط ، والظالمون : واضعو الشيء في غير موضعه ، قال عطاء بن دينار : الحمد لله الذي قال : * ( والْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) * ولم يقل : الظالمون هم الكافرون ، أي لأن معنى الآية أن كل كافر ظالم ، وليس كل ظالم كافرا ، ولو قال : والظالمون هم الكافرون ، لكان قد حكم على كل ظالم ( وهو من يضع الشيء في غير موضعه ) بالكفر . إن الشفاعة المعدومة يوم القيامة هي الشفاعة الصادرة من الناس بغير إذن اللَّه
( 1 ) مودة وصداقة .
145
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 145