نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 101
وعلائم الإيمان والنّفاق معروفة واضحة من خلال المواقف والتصرفات والكلام المنطوق ، بعض الناس يروقك قوله ، ويعجبك طلاقة لسانه ، وقوة بيانه ، ولكنه يخادع ويداهن ، ويتملق ويكذب ، ولا يتكلم إلا ليحظى بشيء من الدنيا وزخارفها وأطماعها ، ويحاول زخرفة كلامه إما بحلف الأيمان ، وإما بأن يشهد اللَّه على ما في قلبه ، فكلما قال قولا شفعه وقرنه بقوله : يعلم اللَّه هذا ، ويشهد أني صادق ، واللَّه يعلم أنه أشهد الناس خصومة وعداوة ، وأقواهم جدلا ، وأكثرهم حقدا وبغضاء . قال اللَّه تعالى : [ سورة البقرة [2] : الآيات 204 الى 206 ] * ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُه فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ويُشْهِدُ اللَّه عَلى ما فِي قَلْبِه وهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ [1] ( 204 ) وإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها ويُهْلِكَ الْحَرْثَ ( 2 ) والنَّسْلَ ( 3 ) واللَّه لا يُحِبُّ الْفَسادَ ( 205 ) وإِذا قِيلَ لَه اتَّقِ اللَّه أَخَذَتْه الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُه جَهَنَّمُ ولَبِئْسَ الْمِهادُ ( 4 ) ( 206 ) ) * [ البقرة : 2 / 204 - 206 ] . قال السّدي : نزلت هذه الآيات في الأخنس بن شريق الثقفي ، وهو حليف بني زهرة ، أقبل إلى النّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في المدينة ، فأظهر له الإسلام ، وأعجب النّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ذلك منه ، وقال : إنما جئت أريد الإسلام ، واللَّه يعلم إني لصادق ، وذلك قوله : * ( ويُشْهِدُ اللَّه عَلى ما فِي قَلْبِه ) * . ثم خرج من عند رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم ، فمرّ بزرع لقوم من المسلمين وحمر ، فأحرق الزرع ، وعقر الحمر ، فأنزل اللَّه تعالى فيه : * ( وإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها ويُهْلِكَ الْحَرْثَ والنَّسْلَ ) * . هذا أنموذج من عناصر التخريب والفساد والنّفاق ، لم يكرهه أحد على ما صنع ، ولكنه ارتضى لنفسه موقف الخبث ، وإضمار السوء والعمل على هدم مقومات أمته ، وتدمير أمجاد مجتمعة ومفاخرهم .
[1] أي شديد الخصومة والعداوة . [2] الحرث : الزرع . ( 3 ) أي ما تناسل من الحيوان . ( 4 ) لبئس الفراش والمضجع .
101
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 101