نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 85
وقال : * ( أَنَّه الْحَقُّ ) * معرفا بأل ، ولم يقل : أنه حق للمبالغة في حقية المثل . ومن المعروف في علم البيان أن الخبر قد يؤتى به معرفا بأل ، للدلالة على أن المخبر عنه بالغ في الوصف الذي أخبر به عنه مرتبة الكمال . وقوله : * ( مِنْ رَبِّهِمْ ) * حال من الحق ، ومن ابتدائية ، أى : إن هذا الكلام وارد من اللَّه ، لا كما زعم الذين كفروا أنه مخالف للصواب ، فهو مؤذن بأنه من كلام الخالق الذي لا يقع منه الخطأ . ثم بين - سبحانه - موقف الكافرين من هذه الأمثال عند ما تتلى عليهم فقال : * ( وأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّه بِهذا مَثَلًا ) * . كلمة ( ماذا ) مركبة من ما الاستفهامية وذا اسم الإشارة ، غير أن العرب توسعوا فيها فاستعملوها اسم استفهام مركبا من كلمتين ، وذلك حيث يكون المشار إليه معبرا عنه بلفظ آخر غير الإشارة ، حتى تصير الإشارة إليه مع التعبير عنه بلفظ آخر لمجرد التأكيد نحو : ماذا التواني ؟ أو حيث لا يكون للإشارة موقع كقوله تعالى : وما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ وقد يتوسعون فيها توسعا أقوى فيجعلون ذا اسم موصول ، وذلك حين يكون المسئول عنه معروفا للمخاطب بشيء من أحواله ، فلذلك يجرون عليه جملة أو نحوها هي صلة ويجعلون ذا موصولا نحو ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ونحو * ( ما ذا أَرادَ اللَّه بِهذا مَثَلًا ) * ، أى : ما الذي أراده اللَّه بهذا المثل . والإرادة في أصل اللغة : نزوع النفس إلى الفعل ، وإذا أسندت إلى اللَّه دلت على صفة له تتعلق بالممكنات ، فيترجح بها أحد وجهى المقدور ، وقد كان جائز الوقوع وعدم الوقوع . وقوله : * ( مَثَلًا ) * واقع في موقع التمييز لاسم الإشارة « هذا » كقولك لمن أجاب بجواب غير مقبول : ماذا أردت بهذا جوابا ؟ والاستفهام الذي حكاه القرآن على ألسنة هؤلاء الكافرين ، المقصود به الإنكار والتحقير لهذه الأمثال ، ولأن يكون اللَّه - تعالى - قد ضربها للناس . والمعنى : فأما المؤمنون الذين من عادتهم الإنصاف ، والنظر في الأمور بنظر العقل واليقين ، فإنهم إذا سمعوا بمثل هذا التمثيل علموا أنه الحق الذي لا تمر الشبهة بساحته ، وأما الكافرون فإنهم لانطماس بصيرتهم ، وتغلب الأحقاد على قلوبهم فإنهم إذا سمعوا ذلك عاندوا وكابروا وقابلوه بالإنكار .
85
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 85