responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 79


وفي هذه الآية الكريمة معجزة من نوع الإخبار بالغيب ، إذ لم تقع المعارضة من أحد في أيام النبوة وفيما بعدها إلى هذا العصر .
قال صاحب الكشاف : ( فإن قلت : من أين لك أنه إخبار بالغيب على ما هو عليه حتى يكون معجزة ؟ قلت : لأنهم لو عارضوه بشيء لم يمتنع أن يتواصفه الناس ويتناقلوه ، إذ خفاء مثله فيما عليه مبنى العادة محال ، لا سيما والطاعنون فيه أكثف عددا من الذابين عنه ، فحين لم ينقل علم أنه إخبار بالغيب على ما هو به ، فكان معجزة ) « 1 » .
وقال بعض العلماء : ( هذه الآية الجليلة من جملة الآيات التي صدعت بتحدى الكافرين بالتنزيل الكريم ) . وقد تحداهم اللَّه في غير موضع منه فقال في سورة القصص :
قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّه هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْه إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وقال في سورة الإسراء : قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ والْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِه ولَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً وقال في سورة يونس : أَمْ يَقُولُونَ افْتَراه ، قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِه وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّه إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ . وكل هذه الآيات مكية .
ثم تحداهم أيضا في المدينة بهذه الآية * ( وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ) * . . إلخ . فعجزوا عن آخرهم ، وهم فرسان الكلام ، وأرباب النظام ، وقد خصوا من البلاغة والحكم ما لم يخص به غيرهم من الأمم ، جعل اللَّه لهم ذلك طبعا وخلقة وفيهم غريزة وقوة . يأتون منه على البديهة بالعجب ويدلون به إلى كل سبب ، فيخطبون ، ويمدحون ، ويقدحون ، ويتوسلون ، ويتوصلون ، ويرفعون ، ويضعون ، فيأتون بالسحر الحلال . . . ومع هذا فلم يتصد لمعارضة القرآن منهم أحد ، ولم ينهض - لمقدار سورة منه - ناهض من بلغائهم ، ولم ينبض منهم عرق العصبية مع اشتهارهم بالإفراط في المضارة والمضادة . وقد جرد لهم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الحجة أولا ، والسيف آخرا فلم يعارضوا إلا السيف وحده ، وما أعرضوا عن معارضة الحجة إلا لعلمهم أنهم أعجز من المعارضة ، وبذلك يظهر أن في قوله - تعالى - * ( ولَنْ تَفْعَلُوا ) * معجزة أخرى ، فإنهم ما فعلوا ، وما قدروا . . . .
وحيث عجز عرب ذلك العصر فما سواهم أعجز في هذا الأمر . . . . فدل على أن القرآن ليس من كلام البشر ، بل هو كلام خالق القوى والقدر أنزله تصديقا لرسوله ، وتحقيقا لمقوله « 2 » . . .
وبعد أن ذكر القرآن الكفار ومآلهم ، عطف على ذلك ذكر المؤمنين وما يفوزون به من نعيم


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 102 . ( 2 ) تفسير القاسمى ج 2 ص 77 .

79

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست