responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 627


وقوله : * ( فِي سَبِيلِ اللَّه ) * تكريم وتشريف لهم ، أى أن ما نزل بهم من فقر واحتياج كان بسبب إيثارهم إعلاء كلمة اللَّه على أى شيء آخر ، ففي سبيل اللَّه هاجروا ، وفي سبيل اللَّه تركوا أموالهم فصاروا فقراء ، وفي سبيل اللَّه وقفوا أنفسهم على الجهاد ، وفي سبيل اللَّه أصابهم ما أصابهم وهم يطلبون أداء ما كلفهم - سبحانه - بأدائه .
أما الصفة الثالثة من صفاتهم فقال فيها * ( لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ ) * والضرب في الأرض هو السير فيها للتكسب والتجارة وغيرهما .
أى أنهم عاجزون عن السير في الأرض لتحصيل رزقهم بسبب اشتغالهم بالجهاد ، أو بسبب ضعفهم وقلة ذات يدهم .
والصفة الرابعة من صفاتهم هي قوله - تعالى - : * ( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ) * .
والتعفف : ترك الشيء والتنزه عن طلبه ، بقهر النفس والتغلب عليها . يقال عف عن الشيء يعف إذا كف عنه . والحسبان بمعنى الظن .
أى يظنهم الجاهل بحالهم ، أو الذي لا فراسة عنده ، يظنهم أغنياء من أجل تجملهم وتعففهم عن السؤال ، أما صاحب الفراسة الصادقة ، والبصيرة النافذة فإنه يرحمهم ويعطف عليهم لأنه يعرف ما لا يعرفه غيره .
و * ( مِنَ ) * في قوله : * ( مِنَ التَّعَفُّفِ ) * للتعليل ، أو لابتداء الغاية لأن التعفف مبدأ هذا الحسبان .
أما الصفة الخامسة من صفاتهم فهي قوله - تعالى - : * ( تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ ) * والسيما والسيماء : العلامة التي يعرف بها الشيء ، وأصلها من الوسم بمعنى العلامة .
والمعنى : تعرف فقرهم وحاجتهم - أيها الرسول الكريم أو أيها المؤمن العاقل - بما ترى في هيئتهم من آثار تشهد بقلة ذات يدهم .
قال الإمام الرازي ما ملخصه : قال مجاهد : « سيماهم » التخشع والتواضع . أى - تعرفهم بتخشعهم وتواضعهم - وقال السدى : - تعرفهم بسيماهم - أى بأثر الجهد من الفقر والحاجة . وقال الضحاك : أى بصفرة ألوانهم ورثاثة ثيابهم . . . ثم قال - رحمه اللَّه - : وعندي أن كل ذلك فيه نظر والمراد شيء آخر هو أن لعباد اللَّه المخلصين هيبة ووقعا في قلوب الخلق ، وكل من رآهم تأثر منهم وتواضع لهم ، وذلك له إدراكات روحانية ، لا علامات جسمانية . ألا ترى أن الأسد إذا مر هابته سائر السباع بطباعها لا بالتجربة ، لأن الظاهر أن تلك التجربة

627

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 627
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست