responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 619


و * ( الْحِكْمَةَ ) * مشتقة من حكم بمعنى منع ، لأنها تمنع صاحبها من الوقوع في الخطأ والضلال ومنه سميت الحديدة التي في اللجام وتجعل في فم الفرس حكمة لأنها تمنعه من الجموح . أو هي في الأصل مصدر من الإحكام وهو الإتقان في علم أو عمل أو قول أو فيها كلها .
والحكمة بالنسبة للإنسان صفة نفسية هي أساس المعرفة السليمة التي توافق الحق ، وتوجه الإنسان نحو عمل الخير ، وتمنعه من عمل الشر ، فهي فيه مانعة ضابطة تسير به نحو الكمال والاستقامة وللعلماء في المراد بها في الآية الكريمة أقوال كثيرة أرجحها أن المراد بها إصابة الحق في القول والعمل ، أو هي العلم النافع الذي يكون معه العمل به .
والمعنى : أن اللَّه - تعالى - الفاعل لكل شيء يؤت الحكمة لمن يشاء من عباده * ( ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * لأن الإنسان إذا أوتى الحكمة يكون قد اهتدى إلى العلم النافع ، وإلى العمل الصالح الموافق لما علمه ، وإلى الإيمان بالحق وإلى الاستجابة لكل خير والابتعاد عن كل شر ، وبذلك يكون سعيدا في دنياه وأخراه .
وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « لا حسد - أى لا غبطة - إلا في اثنتين : رجل أتاه اللَّه مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه اللَّه - تعالى - الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها » .
ثم قال - تعالى - : * ( وما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الأَلْبابِ ) * .
والألباب جمع لب وهو في الأصل خلاصة الشيء وقلبه ، وأطلق هنا على عقل الإنسان لأنه أنفع شيء فيه .
والمراد بأولى الألباب هنا أصحاب العقول السليمة التي تخلصت من شوائب الهوى ، ودوافع الشر ، فقد جرت عادة القرآن ألا يستعمل هذا التعبير إلا مع أصحاب العقول المستقيمة .
أى : وما يتعظ بهذه التوجيهات القرآنية ، وينتفع بثمارها إلا أصحاب العقول الراجحة والنفوس الصافية التي اهتدت إلى الحق وعملت به ، والتي أنفقت في سبيل اللَّه أجود الأموال وأطيبها لا أصحاب العقول الفاسدة التي استحوذ عليها الشيطان فأنساها ذكر اللَّه ، والتي ترى أن البخل بالمال هو الحكمة ، وأن الإنفاق في سبيل اللَّه هو نوع من الإسراف والتبذير .
فالجملة الكريمة تذييل قصد به مدح أولئك المؤمنين الصادقين ، الذين استجابوا لتوجيهات دينهم ، فأصابوا الحق في أقوالهم وأعمالهم .

619

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 619
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست