نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 616
قوله - تعالى - : * ( ولا تَيَمَّمُوا ) * أى ولا تقصدوا وتتعمدوا . يقال : تيممت الشيء ويممته إذا قصدته . ويقال : يممت جهة كذا إذا قصدته . ومنه الإمام لأنه المقصود المعتمد وأصل تيمموا تتيمموا فحذفت إحداهما تخفيفا . والخبيث هو الرديء من كل شيء وخبث الفضة والحديد ما نفاه الكير لأنه ينفى الرديء . ويطلق الخبيث على الشيء الحرام والمستقذر . والإغماض في اللغة - كما يقول الرازي - غض النظر وإطباق جفن على جفن ، وأصله من الغموض وهو الخفاء ، والمراد بالإغماض هاهنا المساهلة وذلك لأن الإنسان إذا رأى ما يكره أغمض عنه لئلا يرى ذلك . ثم كثر ذلك حتى جعل كل تجاوز ومساهلة في البيع وغيره إغماضا » « 1 » . والمعنى : أنفقوا أيها المؤمنون من أطيب أموالكم وأنفسها وأجودها ، ولا تتحروا وتقصدوا أن يكون إنفاقكم من الخبيث الرديء ، والحال أنكم لا تأخذونه إن أعطى لكم هبة أو شراء أو غير ذلك إلا أن تتساهلوا في قبوله ، وتغضوا الطرف عن رداءته ، وإذا كان هذا شأنكم في قبول ما هو رديء فكيف تقدمونه لغيركم ؟ إن اللَّه - ينهاكم عن ذلك لأن من شأن المؤمن الصادق في إيمانه ألا يفعل لغيره إلا ما يجب أن يفعله لنفسه ، ولا يعطى من شيء إلا ما يحب أن يعطى إليه ، ففي الحديث الشريف : « عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به » . قال الآلوسى : وقوله : * ( مِنْه تُنْفِقُونَ ) * الضمير المجرور يعود للخبيث ، وهو متعلق يتنفقون ، والتقديم للتخصيص ، والجملة حال مقدرة من فاعل * ( تَيَمَّمُوا ) * أى لا تقصدوا الخبيث قاصرين الإنفاق عليه ، أو من الخبيث أى مختصا به الإنفاق ، وأيا ما كان لا يرد أنه يقتضى أن يكون النهى عن الخبيث الصرف فقط مع أن المخلوط أيضا كذلك لأن التخصيص لتوبيخهم بما كانوا يتعاطون من إنفاق الخبيث خاصة . وقوله : * ( ولَسْتُمْ بِآخِذِيه ) * حال من ضمير * ( تُنْفِقُونَ ) * أى : والحال أنكم لستم بآخذيه في وقت من الأوقات أو بوجه من الوجوه إلا وقت إغماضكم فيه » « 2 » ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( واعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) * أى واعلموا أن اللَّه - تعالى - غنى عن صدقاتكم وإنما أمركم بها لمنفعتكم ، * ( حَمِيدٌ ) * يجازى المحسن أفضل الجزاء ، وهو - سبحانه - المستحق للحمد الحقيقي دون سواه ، فمن الواجب عليكم أن تبذلوا في سبيله الجيد من أموالكم شكرا له على نعمه حتى يزيدكم من عطائه وآلائه .
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 7 ص 68 . ( 2 ) تفسير الآلوسى ج 3 ص 39 بتلخيص .
616
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 616