responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 611


وقوله : * ( ابْتِغاءَ ) * مفعول لأجله أى يبذلون نفقتهم من أجل رضا اللَّه - عز وجل - أو حال من فاعل ينفقون . أى ينفقون أموالهم طالبين رضا اللَّه .
وقوله : * ( وتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) * معطوف على سابقه ، وقد ذكر صاحب الكشاف أوجها في معنى هذه الجملة الكريمة فقال : قوله : * ( وتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) * أى وليثبتوا منها ببذل المال الذي هو شقيق الروح على سائر العبادات الشاقة وعلى الإيمان ، لأن النفس إذا ريضت بالتحامل عليها وتكليفها ، ما يصعب عليها ذلت خاضعة لصاحبها وقل طمعها في اتباعه لشهواتها وبالعكس ، فكان إنفاق المال تثبيتا لها على الإيمان واليقين . و * ( مِنْ ) * على هذا الوجه للتبعيض ، مثلها في قولهم : هز من عطفه وحرك من نشاطه . ويجوز أن يراد من قوله - تعالى - : * ( وتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) * أى : وتصديقا للإسلام وتحقيقا للجزاء من أصل أنفسهم لأنه إذا أنفق المسلَّم ماله في سبيل اللَّه ، علم أن تصديقه وإيمانه بالثواب من أصل نفسه ومن إخلاص قلبه .
و * ( مِنْ ) * على هذا الوجه لابتداء الغاية ، كقوله - تعالى - حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ويحتمل أن يكون المعنى : وتثبيتا من أنفسهم عند المؤمنين أنها صادقة الإيمان مخلصة فيه ، وتعضد هذا المعنى قراءة مجاهد : وتثبيتا من أنفسهم : فإن قلت : فما معنى التبعيض ؟ قلت : معناه أن من يذل ماله لوجه اللَّه فقد ثبت بعض نفسه ، ومن بذل ماله وروحه معا فهو الذي ثبتها كلها كما في قوله - تعالى - : وتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه بِأَمْوالِكُمْ وأَنْفُسِكُمْ « 1 » .
وخصص الجنة بأنها بربوة لأن الأشجار في المكان المرتفع من الأرض تكون عادة أحسن منظرا ، وأزكى ثمرا ، للطافة هوائها ، فكان من فوائد هذا القيد إعطاء وجه الشبه - وهو تضعيف المنفعة وجمالها قوة ووضوحا ، كما أن من فوائده تحسين المشبه به تحسينا يعود أثره إلى المشبه عند السامع .
ثم قال - تعالى - : * ( فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ ) * .
والطل : هو المطر القليل وجمعه طلال ، وهو مبتدأ محذوف الخبر أى فطل قليل يصيبها يكفيها .
والمراد أن هذه الجنة لطيبها وكرم منبتها تزكو وتثمر كثر المطر النازل عليها أو قل فكذلك نفقة المؤمنين المخلصين تزكو عند اللَّه وتطيب كثرت أو قلت ، لأن إخلاصهم فيها جعلها عند اللَّه - تعالى - مضاعفة نامية .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( واللَّه بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) * .


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 313 بتصرف يسير .

611

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 611
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست