نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 6
قال - تعالى - : إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ويُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً « 1 » . وقال تعالى : قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّه نُورٌ وكِتابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِه اللَّه مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَه سُبُلَ السَّلامِ ، ويُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِه ، ويَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ « 2 » . وقال - تعالى - قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّه اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ، فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِه ولَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً « 3 » . كذلك من أهم المقاصد التي من أجلها أنزل اللَّه تعالى على نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم هذا القرآن ، أن يكون هذا القرآن معجزة ناطقة في فم الدنيا بصدقه فيما يبلغه عن ربه . ولقد جاء النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إلى الناس فدعاهم إلى وحدانية اللَّه ، وإلى مكارم الأخلاق ، وقال لهم : معجزتي الدالة على صدقى هذا القرآن ، فإن كنتم في شك من ذلك فأتوا بمثله فعجزوا ، فأرخى لهم العنان وتحداهم بأن يأتوا بعشر سور من مثله فما استطاعوا ، فزاد في إرخاء العنان لهم - وهم أرباب البلاغة والبيان - وتحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة من مثله ، فأخرسوا وانقلبوا صاغرين . فثبت أن هذا القرآن من عند اللَّه ، ولو كان من عند غير اللَّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا . قال اللَّه تعالى - : وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه ، وادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّه إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ « 4 » . كذلك من أهم المقاصد التي من أجلها أنزل اللَّه هذا القرآن على قلب نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يتقرب الناس به إلى خالقهم عن طريق تلاوته ، وحفظه ، وتدبره ، والعمل بتشريعاته وآدابه وتوجيهاته . . . ولقد تكلم الإمام القرطبي بإسهاب في مقدمة تفسيره عن فضائل القرآن ، والترغيب فيه ، وفضل طالبه ، وقارئه ، ومستمعه ، والعامل به ، وكيفية تلاوته . . . فقال ما ملخصه : اعلم أن هذا الباب واسع كبير . ألف فيه العلماء كتبا كثيرة ، نذكر من ذلك نكتا تدل على فضله ، وما أعد اللَّه لأهله إذا أخلصوا الطلب لوجهه ، وعملوا به . فأول ذلك أن يستشعر المؤمن من فضل القرآن أنه كلام رب العالمين . كلام من ليس كمثله شيء . . . .