نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 578
الإشارة بتلك في قوله : * ( تِلْكَ الرُّسُلُ ) * إلى جماعة الرسل الذين تقدم ذكرهم في السورة والذين أرسلهم اللَّه - تعالى - لهداية البشر ، وأمرنا - سبحانه - بالإيمان بهم . أى أولئك الرسل الذين أرسلناهم لهداية الناس * ( فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) * أى جعلنا لبعضهم مناقب وخصائص ومزايا لم تتوافر للبعض الآخر . و * ( تِلْكَ ) * مبتدأ و * ( الرُّسُلُ ) * عطف بيان لتلك . وجملة * ( فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) * هي الخبر . وكانت الإشارة باللفظ الدال على البعيد ، لبيان سمو مكانة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وأنهم هم المصطفون الأخيار . ثم بين - سبحانه - بعض مظاهر التفضيل فقال : * ( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّه ) * أى منهم من فضله اللَّه بتكليمه إياه كموسى - عليه السلام - فقد وردت آيات صريحه في ذلك ، منها قوله - تعالى - : وكَلَّمَ اللَّه مُوسى تَكْلِيماً وقوله - تعالى - : قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي وقوله - تعالى - ولَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وكَلَّمَه رَبُّه . ثم قال - سبحانه - : * ( ورَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) * أى : ومنهم من رفعه اللَّه على غيره من الرسل مراتب سامية ومنازل عالية . قيل كإبراهيم الذي اتخذه اللَّه خليلا ، وإدريس الذي رفعه اللَّه مكانا عليا ، وداود الذي آتاه اللَّه النبوة والملك . والذي عليه المحققون من العلماء والمفسرين أن المقصود بقوله - تعالى - * ( ورَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) * هو سيدنا محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لأنه هو صاحب الدرجات الرفيعة والمعجزة الخالدة الباقية إلى يوم القيامة والرسالة العامة الناسخة لكل الرسالات قبلها . وقد صرح صاحب الكشاف بذلك فقال : قوله * ( ورَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) * أى ومنهم من رفعه اللَّه على سائر الأنبياء ، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم درجات كثيرة . الظاهر أنه أراد محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لأنه هو المفضل عليهم ، حيث أوتى ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية إلى ألف آية أو أكثر . لو لم يؤت إلا القرآن وحده لكفى به فضلا منيفا على سائر ما أوتى الأنبياء ، لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات . وفي هذا الإبهام من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفى ، لما فيه من الشهادة على أنه العلم الذي لا يشتبه ، والمتميز الذي لا يلتبس . ويقال للرجل : من فعل هذا ؟ فيقول : أحدكم أو بعضكم ، يريد به الذي تعورف واشتهر بنحوه من الأفعال فيكون أفخم من التصريح ، وسئل الخطيئة عن أشعر الناس ، فذكر زهيرا والنابغة ثم قال : ولو شئت لذكرت الثالث ، أراد نفسه ، ولو قال : ولو شئت لذكرت
578
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 578