responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 576


كل ذلك من شأنه أن يصهر النفوس الحرة الكريمة ، وأن يدفعها بقوة إلى الذود عن كرامتها المسلوبة ، وعزتها المغصوبة ، حتى تنال حقها ممن سلبه منها أو تموت دونه ، لأن النفوس الأبية تشعر دائما بأن الموت مع العزة خير من الحياة مع الذلة . يدل على ذلك قوله - تعالى - :
قالُوا : وما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّه وقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وأَبْنائِنا .
2 - أن الناس في كل زمان ومكان ، يلجئون - خصوصا عند ما تنزل بهم الشدائد إلى من يتوسمون فيهم الخير والصلاح ، لكي يرشدوهم إلى ما يأخذ بيدهم إلى طريق السعادة ، ولكي يهدوهم إلى أفضل السبل التي تنقذهم مما هم فيه من بلاء ، ولكي يختاروا لهم من يقودهم إلى النصر والفلاح . ألا ترى إلى الملأ من بنى إسرائيل كيف لجئوا إلى نبي لهم ليقولوا له بعد أن أصابهم من الذل ما أصابهم : ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّه ؟ إنهم لم يلجئوا إلى زعيم من زعمائهم ، أو إلى أمير من امرائهم ، وإنما لجئوا إلى نبيهم يبثون إليه شكواهم ، ويطلبون منه أن يختار لهم من يقودهم للقتال في سبيل اللَّه ، لأنهم يرون فيه الأمل المرتجى ، والعقل السليم ، والخلق القويم ، والأسوة الحسنة .
3 - أن القائد يجب أن تتوفر فيه صفتان : قوة العقل ، وقوة الجسم لأنه متى توفرت فيه هاتان الصفتان استطاع أن يقود أتباعه بنجاح ، وأنه قبل أن يلتقى بأعدائه يجب عليه أن يختبر جنده ليعرف مبلغ إيمانهم وقوتهم وطاعتهم وثباتهم وألا يكلفهم بما لا يستطيعونه حتى يحارب أعداءه وهو على بينة من أمره . انظر إلى طالوت كيف اختبر جنده قبل أن يخوض المعركة بأن قال لهم : * ( إِنَّ اللَّه مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْه فَلَيْسَ مِنِّي ومَنْ لَمْ يَطْعَمْه فَإِنَّه مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِه ) * وهكذا القواد العقلاء يقدمون على حرب أعدائهم وهم على بصيرة من أمرهم .
4 - أن الفئة القليلة المؤمنة كثيرا ما تنتصر على الفئة الكثيرة الكافرة لأن المؤمنين الصادقين يحملهم إيمانهم على اليقين بلقاء اللَّه ، وعلى التضحية من أجل إعلاء كلمته ، وعلى الإقدام الذي يرعب الكافرين ، ويخيف الفاسقين ، وصدق اللَّه إذ يقول * ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّه واللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ ) * .
5 - أن هزائم الأمم يمكن إزالتها متى توفر لتلك الأمم القادة العقلاء الأقوياء ، والجند الأشداء على أعدائهم ، الرحماء فيما بينهم ، وأن من شأن المؤمنين حقا أنهم مع مباشرتهم للأسباب ، وإحكامهم لكل ما يحتاج إليه القتال ، وإحسانهم لكل وسيلة تعينهم على النصر ، مع كل ذلك لا يغترون ولا يتطاولون بل يعتمدون على اللَّه - تعالى - اعتمادا تاما ، ويتجهون إليه بالضراعة والدعاء ويلتمسون منه النصر على أعدائه وأعدائهم انظر إلى الصفوة المؤمنة من جند

576

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 576
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست