responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 528


وعبر عن الطلب بصيغة الخبر ، للإشعار بأن إرضاع الأم لطفلها عمل توجبه الفطرة ، وتنادى به طبيعة الأمومة .
قال الجمل : وهذا الأمر للندب وللوجوب ، فهو يكون للندب عند استجماع شروط ثلاثة ، قدرة الأب على استئجار المرضع ، ووجود من يرضعه غير الأم ، وقبول الولد للبن الغير . ويكون للوجوب عند فقد أحد هذه الشروط » « 1 » .
وليس التحديد بالحولين للوجوب ، لأنه يجوز الفطام قبل ذلك ، بدليل قوله : * ( لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ) * وإنما المقصود بهذا التحديد قطع التنازع بين الزوجين إذا تنازعا في مدة الرضاع ، فإذا اتفق الأب والأم على أن يفطما ولدهما قبل تمام الحولين كان لهما ذلك إذا لم يتضرر الولد بهذا الفطام ، وإن أراد الأب أن يفطمه قبل الحولين ولم ترض الأم أو العكس لم يكن لأحدهما ذلك .
قال القرطبي ما ملخصه : وقد انتزع مالك - رحمه اللَّه - ومن تابعه وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب إنما هي ما كان في الحولين ، لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة ، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة . . لقوله - تعالى - : * ( والْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) * فهذا يدل على ألا حكم لما ارتضع المولود بعد الحولين .
وروى سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم « لا رضاع إلا ما كان في الحولين » وهذا الخبر مع الآية ينفى رضاعة الكبير وأنه لا حرمة له . وقد روى عن عائشة القول به ، وروى عن أبى موسى الأشعرى أنه كان يرى رضاع الكبير . وروى عنه الرجوع عنه .
وسيأتى تحقيق هذه المسألة في سورة النساء » « 2 » .
وفي وصف الحولين بكاملين ، تأكيد لرفع توهم أن يكون المراد حولا وبعض الثاني ، لأن إطلاق التثنية والجمع في الأزمان والأسنان على بعض المدلول إطلاق شائع عند العرب .
فيقولون : هو ابن سنتين ، ويريدون سنة وبعض الثانية .
وفي هذه الجملة الكريمة * ( والْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) * بيان لمظهر من مظاهر رعاية اللَّه - تعالى - للإنسان منذ ولادته ، بل منذ تكوينه في بطن أمه جنينا ، فقد أمر - سبحانه - الأمهات أن يقمن بإرضاع أولادهن في تلك المدة ، لأن لبن الأم هو أفضل غذاء لطفلها في هذه الفترة ، وأسلَّم وسيلة لضمان صحته ونموه ، ولصيانته من الأمراض النفسية والعقلية ، فقد أثبت الأطباء الثقاة أن الطفل كثيرا ما يصاب بأمراض جسمية ونفسية وعقلية


( 1 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 ص 188 . ( 2 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 162 .

528

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 528
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست