responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 478


وبين أن تركه سبب للوعيد أتبع ذلك بذكر من يقوم به وجزاؤه فقال : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ، والَّذِينَ هاجَرُوا ) * ولا يكاد يوجد وعيد إلا ويعقبه وعد » « 1 » .
والمعنى : إن الذين آمنوا باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، واستقاموا على طريق الحق ، وأذعنوا لحكمه ، واستجابوا لأوامر اللَّه ونواهيه : * ( والَّذِينَ هاجَرُوا ) * أى : تركوا أموالهم وأوطانهم من أجل نصرة دينهم : * ( وجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّه ) * لإعلاء كلمته * ( أُولئِكَ ) * الموصوفون بتلك الصفات الثلاثة * ( يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّه ) * . أى : يؤملون تعلق رحمته - تعالى - بهم ، أو ثوابه على أعمالهم * ( واللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ ) * أى : واسع المغفرة للتائبين المستغفرين ، عظيم الرحمة بالمؤمنين المحسنين .
قال القرطبي : « والهجرة معناها الانتقال من موضع إلى موضع ، والقصد ترك الأول إيثارا للثاني . والهجرة ضد الوصل ، والاسم الهجرة . وجاهد مفاعله من جهد إذا استخرج الجهد .
والاجتهاد والتجاهد : بذل الوسع والمجهود ، والجهاد - بالفتح - الأرض الصلبة .
وإنما قال * ( يَرْجُونَ ) * وقد مدحهم ، لأنه لا يعلم أحد في هذه الدنيا أنه صائر إلى الجنة ولو بلغ في طاعة اللَّه كل مبلغ لأمرين :
أحدهما : أنه لا يدرى بما ذا ختم له .
والثاني : لئلا يتكل على عمله ، والرجاء أبدا معه خوف كما أن الخوف معه رجاء » « 2 » .
وجيء بهذه الأوصاف الثلاثة مترتبة على حسب الواقع إذا الإيمان يكون أولا ثم المهاجرة من أرض الظالمين إذا لم يستطع دفع ظلمهم ، ثم الجهاد من أجل إعلاء كلمة الحق .
وأفرد الإيمان بموصول وحده لأنه أصل الهجرة والجهاد ، وجمع الهجرة والجهاد في موصول واحد لأنهما فرعان عنه .
وبذلك نرى أن هذه الآية الكريمة قد دعت المؤمنين إلى بذل أموالهم وأنفسهم في سبيل نصرة الحق بأحكم أسلوب ، وبرأتهم مما أثاره المشركون حولهم من شبهات ، وحذرتهم من السير في طريقهم ، وبشرتهم بحسن العاقبة متى استجابوا لتعاليم دينهم ، واعتصموا بحبله .
وبعد هذا الحديث الجامع عن البذل والتضحية ، ساق القرآن في آيتين ثلاثة أسئلة وأجاب عنها بما يشفى الصدور ، ويصلح النفوس .


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 2 ص 41 . ( 2 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 51 .

478

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست