نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 431
يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية * ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ) * فدعاه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال له « أنتم حجاج » « 1 » . فالآية الكريمة صريحة في إباحة طلب الرزق لمن هو في حاجة إلى ذلك في موسم الحج ، بشرط ألا يشغله عن أداء فرائض اللَّه . ثم قال - تعالى - : * ( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّه عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ) * . الفاء في قوله : فإذا لتفصيل بعض ما أجمل من قبل في قوله * ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ . . ) * وأفضتم . اندفعتم بكثرة متزاحمين . وذلك تشبيه لهم بالماء إذا كثر ودفع بعضه بعضا فانتشر وسال من حافتي الوادي والإناء والإفاضة في الحديث الاندفاع فيه بإكثار وتصرف في وجوهه ومنه قوله - تعالى - إِذْ تُفِيضُونَ فِيه . فأصل هذه الكلمة الدفع للشيء بكثرة حتى يتفرق . والتقدير : أفضتم أنفسكم فحذف المفعول للعلم به . والمراد : خروجهم من عرفات بشيء من السرعة في تكاثر وازدحام متجهين إلى المزدلفة . وعرفات : اسم للجبل المعروف ، قيل سمى بذلك لأن الناس يتعارفون به فهم يجتمعون عليه في وقت واحد فيجري التعارف بينهم . وقد اتفق العلماء على أن الوقوف بعرفات هو ركن الحج الأكبر ففي الحديث الشريف « الحج عرفة » ويكون ذلك في اليوم التاسع من ذي الحجة . قال القرطبي : أجمع أهل العلم على أن من وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزوال ثم أفاض منها قبل الزوال أنه لا يعتد بوقوفه ذلك قبل الزوال . وأجمعوا على تمام حج من وقف بعرفة بعد الزوال وأفاض نهارا قبل الليل إلا مالك بن أنس فإنه قال : لا بد أن يأخذ من الليل شيئا ، وأما من وقف بعرفة بالليل فإنه لا خلاف بين الأمة في تمام حجه . والحجة للجمهور مطلق قوله : * ( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ ) * : فإنه لم يختص ليلا من نهار . وحديث عروة بن مضرس قال : أتيت النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهو في الموقف من جمع - أى من المزدلفة - فقلت : يا رسول اللَّه ، جئتك من جبل طيئ أكللت مطيتي وأتعبت نفسي . . فهل لي من حج يا رسول اللَّه ؟ فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم « من صلَّى معنا صلاة الغداة بجمع وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه « 2 » » .
( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 240 . ( 2 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 415 .
431
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 431