نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 391
فقوله - تعالى - : * ( فَإِنِّي قَرِيبٌ ) * تمثيل لكمال علمه - تعالى - بأفعال عباده وأقوالهم ، واطلاعه على سائر أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم إذ القرب المكاني محال على اللَّه - تعالى - . وفي الآية الكريمة التفات عن خطاب المؤمنين كافة بأحكام الصيام ، إلى خطاب النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بأن يذكرهم ويعلمهم ما يجب عليهم مراعاته في سائر عبادتهم من الإخلاص والأدب والتوجه إلى اللَّه وحده بالسؤال . ولم يصدر الجواب بقل أو فقل كما وقع في أجوبة مسائلهم الواردة في آيات أخرى ، نحو ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً بل تولى - سبحانه - جوابهم بنفسه إشعارا بفرط قربه منهم ، وحضوره مع كل سائل بحيث لا تتوقف إجابته على وجود واسطة بينه وبين السائلين من ذوى الحاجات . والمراد بالعباد الذين أضيفوا إلى ضمير الجلالة هم المؤمنون لأن الحديث عنهم ، ولأن سياق الآيات في بيان أحكام الصوم وفضائله وهو خاص بالمؤمنين ، وقد أضيفوا إلى ضمير الجلالة لتشريفهم وتكريمهم . وقوله - تعالى - : * ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) * تقرير للقرب وتحقيق له ، ووعد للداعي بالإجابة متى صدر الدعاء من قلب سليم ، ونفس صافية ، وجوارح خاشعة ، ولقد ساق لنا القرآن في آيات كثيرة أمثلة لعباد اللَّه الذين توجهوا إليه بالسؤال ، فأجاب اللَّه سؤالهم ، ومن ذلك قوله - تعالى - : ونُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَه وقوله - تعالى - : وزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّه رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ . فَاسْتَجَبْنا لَه ووَهَبْنا لَه يَحْيى وأَصْلَحْنا لَه زَوْجَه وقوله - تعالى - : وأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّه أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَه فَكَشَفْنا ما بِه مِنْ ضُرٍّ . وورد في الحديث ما يدل على أن العبد إذا دعا اللَّه - تعالى - بما فيه خير ، لم يخب عند اللَّه دعاؤه ، ولكن لا يلزم أن يعطيه - سبحانه - نفس ما طلبه ، لأنه هو الأعلم بما يصلح عباده . روى الإمام أحمد عن أبى سعيد الخدري أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « ما من مسلَّم يدعو اللَّه - عز وجل - بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه اللَّه بها إحدى ثلاث خصال : إما أن يعجل إليه دعوته ، وإما أن يدخرها له في الأخرى ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها » . وقوله - تعالى - : * ( فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ولْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) * توجيه منه - سبحانه - إلى ما يجعل الدعاء مرجو القبول والإجابة . والاستجابة : هي الإجابة بعناية واستعداد ، والسين والتاء للمبالغة .
391
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 391