responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 331


إلى غير ذلك من الآيات الكريمة الدالة على وجود اللَّه وقدرته ووحدانيته .
ويتمثل الدليل الثالث على قدرته - سبحانه - ووحدانيته في قوله تعالى : * ( واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ ) * ، والاختلاف : افتعال من الخلف ، وهو أن يجيء شيء عوضا عن شيء آخر يخلفه على وجه التعاقب . والمراد أن كلا من الليل والنهار يأتى خلفا من الآخر وفي أعقابه ، ويجوز أن يكون المراد باختلافهما ، في أنفسهما بالطول والقصر ، واختلافهما في جنسهما بالسواد والبياض .
و * ( اللَّيْلِ ) * : هو الظلام المعاقب للنهار ، واحدته ليلة كتمر وتمرة .
و * ( النَّهارِ ) * : هو الضياء المتسع ، وأصله الاتساع ، ومنه قول الشاعر :
< شعر > ملكت بها كفى فأنهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءها < / شعر > أى : أوسعت فتقها .
وقد جعل اللَّه الليل للسكون والراحة والعبادة لمن وفقه اللَّه لقضاء جانب منه في مناجاته - سبحانه - ، وجعل النهار للعمل وابتغاء الرزق .
قال - تعالى - : وجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً . وجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً .
وقد أضيف الاختلاف لكل من الليل والنهار ، لأن كل واحد منهما يخلف الآخر فتحصل منه فوائد سوى فوائد الآخر ، بحيث لو دام أحدهما لا نقلب النفع ضرّا .
قال - تعالى - : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، مَنْ إِله غَيْرُ اللَّه يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، مَنْ إِله غَيْرُ اللَّه يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيه أَفَلا تُبْصِرُونَ . ومِنْ رَحْمَتِه جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيه ولِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِه ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
ومن العظات التي تؤخذ من هذا الاختلاف أن مدد الليل والنهار تختلف فلكل منهما مدة يستو فيها من السنة بمقتضى نظام دقيق مطرد .
قال - تعالى - : لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ، ولَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ ، وكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ . وكون الليل والنهار يسيران على هذا النظام الدقيق المطرد الذي لا ينخرم دليل على أن الاختلاف تدبير من إله قادر حكيم لا يدخل أفعاله تفاوت ولا اختلال .
وإذا كان لهذا الاطراد أسباب تحدث عنها العلماء ، فإن الذي خلق الأسباب وجعل بينها وبين هذا الاختلاف تلازما إنما هو الإله الواحد القهار .
أما المظهر الرابع من المظاهر الدالة في هذا الكون على قدرته - سبحانه - ووحدانيته

331

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست