نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 310
منهم . وإن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا . وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إلى باعا . وإن أتانى يمشى أتيته هرولة « . وروى مسلَّم عن أبى سعيد الخدري وأبى هريرة : أنهما شهدا على النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال : لا يقعد قوم يذكرون اللَّه - تعالى - إلا حفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم اللَّه فيمن عنده « . قال الإمام النووي : واعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحو ذلك ، بل كل عامل للَّه - تعالى - بطاعة فهو ذاكر للَّه - تعالى - . وقوله - تعالى - : * ( واشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ ) * معطوف على ما قبله . والشكر في اللغة - كما يقول القرطبي - الظهور ، ومنه قولهم : دابة شكور إذا ظهر عليها من السمن فوق ما تعطى من العلف . وحقيقته : عرفان الإحسان وإظهاره بالثناء على المحسن ، يقال شكره وشكر له كما يقال نصحه ونصح له . وأصل الكفر في كلام العرب الستر والتغطية والجحود ، ويستعمل بمعنى عدم الإيمان فيتعدى بالباء فيقال : كفر باللَّه ، ويستعمل بمعنى عدم الشكر - وهو المراد هنا - فيتعدى بنفسه ، فيقال : كفر النعمة أى جحدها وكفر المنعم أى جحد نعمته ولم يقابلها بالشكر . والمعنى : اشكروا لي ما أنعمت به عليكم من ضروب النعم ، بأن تستعملوا النعم فيما خلقت له ، وبأن تطيعوني في السر والعلن ، وحذار من أن تجحدوا إحسانى إليكم ، ونعمى عليكم فاسلبكم إياها . قال - تعالى - : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ « 1 » . وقدم - سبحانه - الأمر بالذكر على الأمر بالشكر ، لأن في الذكر اشتغالا بذاته - تعالى - ، وفي الشكر اشتغالا بنعمته ، والاشتغال بذاته أولى بالتقديم من الاشتغال بنعمته . وقوله * ( ولا تَكْفُرُونِ ) * تأكيد لقوله * ( واشْكُرُوا لِي ) * . وهذا تحذير لهذه الأمة حتى لا تقع فيما وقع فيه بعض الأمم السابقة التي فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّه فَأَذاقَهَا اللَّه لِباسَ الْجُوعِ والْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ . وبعد أن أمر - سبحانه - عباده بذكره وشكره ، وجه نداء إليهم بين لهم فيه ما يعينهم على ذلك ، كما بين لهم منزلة الشهداء ، وعاقبة الصابرين على البلاء فقال - تعالى - :
( 1 ) سورة إبراهيم الآية 6 .
310
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 310