نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 29
الناس ، كما قررت أن المؤمنين يقابلون هذه الأمثال بالإيمان والإذعان ، أما الكافرون فيقابلونها بالاستهزاء والإنكار . وقد وبخت السورة بعد ذلك أولئك الكافرين على كفرهم ، مع وضوح الدلائل على وحدانية اللَّه في أنفسهم وفي الآفاق فقالت : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّه وكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ، ثُمَّ إِلَيْه تُرْجَعُونَ . هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . ثم ذكرت السورة بعد ذلك جانبا من قصة آدم ، وقد حدثتنا فيه عن خلافة آدم في الأرض ، وعما كان من الملائكة من استفسار بشأنه - وعن سكن آدم وزوجه الجنة ، ثم عن خروجهما منها بسبب أكلهما من الشجرة المحرمة . وإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قالُوا : أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ ، قالَ : إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ . . إلخ الآيات الكريمة . هذا ، وقد عرفنا قبل ذلك أن سورة البقرة نزلت بالمدينة بعد أن هاجر المسلمون إليها ، وأصبحت لهم بها دولة فتية ، وكان يجاورهم فيها عدد كبير من اليهود الذين كان أحبارهم يبشرون . بمبعث النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . فأخذت السورة الكريمة تتحدث عنهم - في أكثر من مائة آية - حديثا طويلا متشعبا . . فنراها في أواخر الربع الثاني توجه إليهم نداء محببا إلى نفوسهم ، تدعوهم فيه إلى الوفاء بعهودهم ، وإلى الإيمان بنبي اللَّه محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فتقول : يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ، وأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وإِيَّايَ فَارْهَبُونِ . وآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ ولا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِه ، ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وإِيَّايَ فَاتَّقُونِ . ثم تذكرهم في الربع الثالث بنعم اللَّه عليهم ، وبموقفهم الجحودى من هذه النعم ، تذكرهم بنعمة تفضيلهم على عالمي زمانهم ، وبنعمة إنجائهم من عدوهم ، وبنعمة فرق البحر بهم ، وبنعمة عفو اللَّه عنهم مع تكاثر ذنوبهم ، وبنعمة بعثهم من بعد موتهم ، وبنعمة تظليلهم بالغمام ، وبنعمة إنزال المن والسلوى عليهم . إلخ .
29
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 29