responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 240


رد عليهم بما يكشف عن جهلهم وجهل جميع الحاسدين ، لأن الحاسد لغباوته يسخط على قدر اللَّه ، ويعترض عليه لإنعامه - سبحانه - على المحسود واللَّه - تعالى - هو صاحب التصرف المطلق في الإعطاء والمنع فكان من الواجب على هؤلاء الذين لا يودون أن ينزل أى خير على المؤمنين أن يريحوا أنفسهم من هذا العناء ، وأن يتحولوا عن ذلك الغباء ، لأن اللَّه - تعالى - يهب خيره لمن يشاء .
والاختصاص بالشيء : الانفراد به ، تقول : اختص فلان بكذا أى انفرد به ، ويستعمل متعديا إلى المفعول به ، فتقول : اخصصت فلانا بكذا أى أفردته به وجعلته مقصورا عليه .
وعلى هذا الوجه ورد الاختصاص في الآية الكريمة .
وقيد - سبحانه - اختصاص رحمته بمن يشاء ليعلم الناس جميعا ، أن إفراد بعض عباده بالرحمة منوط بمشيئته وحدها ، وليس لأحد كائنا من كان أى تأثير في ذلك .
ومفعول المشيئة محذوف كما هو الشأن فيه إذا تقدم عليه كلام أو تأخر عنه . أى : يختص برحمته من يشاء اختصاصه بها ، وهي تتناول النبوة . والقرآن ، والنصر ، وكل ذلك مما لا يود الكافرون إنزاله على المؤمنين .
وقوله تعالى : * ( واللَّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) * تذييل لما سبق أى كل خير يناله العباد في دينهم أو دنياهم إنما هو من عنده - تعالى - يتفضل به عليهم ، وفي ذلك إشعار للحاسدين بأن يقلعوا عن حسدهم ، وتعريض باليهود وغيرهم ممن حسدوا محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم على أن آتاه اللَّه النبوة ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم : إنى أصطفى للنبوة من أشاء من عبادي وهي لا تدرك بالأمانى ، ولكني أهبها لمن هو أهل لها .
وبذلك تكون الآية الكريمة قد حذرت المؤمنين مما يبيته لهم الكافرون من حقد وبغضاء وبشرتهم بأن ما يبيتونه لن يضرهم ما داموا معتصمين بكتاب ربهم ، وسنة نبيهم .
ثم انتقل القرآن إلى الحديث عن موضع النسخ الذي أثار اليهود حوله الشبهات ، وجادلوا فيه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
لقد استنكر اليهود أن يبدل اللَّه آية بآية ، أو حكما بحكم ، وقالوا : ألا ترون إلى محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمر بخلافه ، ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا ، ما هذا من شأن الأنبياء وما هذا القرآن إلا من كلام محمد ، يقوله من تلقاء نفسه ، وهو كلام يناقض بعضه بعضا .
ولم يترك القرآن الكريم تلك الشبهات التي أثارها اليهود حول شريعة الإسلام بدون

240

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست