responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 218


الملائكة لتابعناك وصدقناك ، قال : فما يمنعكم أن تصدقوه ؟ قالوا : إنه عدونا ، فأنزل اللَّه - تعالى - قوله : * ( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّه نَزَّلَه عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّه مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْه . . . ) * الآيات .
وفي حديث للإمام أحمد والترمذي والنسائي « قال اليهود للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعد أن سألوه عن أشياء أجابهم عنها إنما بقيت واحدة وهي التي نتابعك إن أخبرتنا بها ، إنه ليس من نبي إلا وله ملك يأتيه بالخبر ، فأخبرنا من صاحبك ؟ قال جبريل - عليه السلام - قالوا : جبريل ذلك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا ، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والقطر والنبات لكان . فأنزل اللَّه - تعالى - : * ( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) * الآية « 1 » .
فيؤخذ من هذه الأحاديث وما في معناها أن اليهود في عهد النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كانوا يجاهرون بعداوتهم لجبريل - عليه السلام - وأن هذه المجاهرة بالعداوة ، قد تكررت منهم في مواقف متعددة بينهم وبين النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأن الذي حملهم على ذلك هو حسدهم له ، وغيظهم من جبريل ، لأنه ينزل بالوحي عليه .
قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : « ومن عجيب تهافت اعتقادهم أنهم يثبتون أنه ملك مرسل من عند اللَّه ، ومع ذلك يبغضونه ، وهذا أحط درجات الانحطاط في العقل والعقيدة ، ولا شك أن اضطراب العقيدة من أكبر مظاهر انحطاط الأمة لأنه ينبئ عن تضافر آرائهم على الخطأ والأوهام » « 2 » .
وفي أمر الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بلفظ ( قل ) كي يرد على اليهود ، تثبيت له ، وتطمين لنفسه وتوبيخ لهم على معاداتهم لأمين الوحى ، وهو جبريل - عليه السلام - .
وقوله تعالى : * ( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) * ، شرط عام قصد الإتيان به ليعلموا أن اللَّه - تعالى - لا يعبأ بهم ولا بغيرهم ممن يعادى جبريل ، إن وجد معاد آخر له سواهم .
وقوله تعالى : * ( عَلى قَلْبِكَ ) * زيادة تقرير للتنزيل ، ببيان محل الوحى ، وإشارة إلى أن السبب في تمكنه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من تلاوة القرآن الكريم ، وإبلاغه للناس ، ثباته في قلبه .
وقوله تعالى : * ( فَإِنَّه نَزَّلَه عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّه ) * معناه : فلا موجب لعداوته . لأنه نزل القرآن على قلبك يا محمد بإذن اللَّه وأمره . وإذا فعداوته عداوة للَّه في الحقيقة والواقع ، ومن هنا يتبين أن هذه الجملة تعليل لجواب الشرط وقائمة مقامه .


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 129 . ( 2 ) تفسير التحرير والتنوير ج 1 ص 226 .

218

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست