responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 215


هو مطلق حياة كيفما كانت ، بصرف النظر عن العزة والكرامة ، فمن أمثال اليهود المشهورة « الحياة وكفى » .
ولا شك أن شدة التهالك على الحياة ، تؤدى إلى الجبن ، واحتمال الضيم ، وتجعل الأمة التي تنتشر فيها هذه الرذيلة لا تفرق بين الحياة الكريمة والحياة الذليلة .
وقوله تعالى : * ( ومِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ) * عطف على الناس ، لأنه لما كان قوله تعالى : * ( أَحْرَصَ النَّاسِ ) * في معنى : أحرص من جميع الناس صح أن يراعى المعنى ، فيكون قوله : * ( ومِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ) * معطوف عليه ، فيكون المعنى : أحرص من جميع الناس ، وأحرص من الذين أشركوا على الحياة .
والذين أشركوا ، هم الذين جعلوا للَّه شركاء وإنما أفردوا بالذكر مع أنهم من الناس ، مبالغة في توبيخ اليهود وذمهم ، لأنهم إذا زاد حرصهم على الحياة - وهم أهل كتاب - على المشركين الذين لا كتاب لهم ولا يدينون ببعث أو نشور كان ذلك دليلا على هوان نفوسهم ، وابتذال كرامتهم وعدم اعتدادهم بوصايا كتبهم التي تنهاهم عن الحرص على الحياة الذليلة .
قال صاحب الكشاف : « وفيه توبيخ عظيم ، لأن الذين أشركوا لا يؤمنون بعاقبة ولا يعرفون إلا الحياة الدنيا ، فحرصهم عليها لا يستبعد لأنها جنتهم ، فإذا زاد عليها في الحرص من له كتاب وهو مقر بالجزاء ، كان حقيقا بأعظم التوبيخ ، فإن قلت : لم زاد حرصهم على حرص المشركين ؟ قلت : لأنهم علموا أنهم صائرون إلى النار لا محالة والمشركون لا يعلمون ذلك » « 1 » .
ثم بين - سبحانه - مظهرا من مظاهر حرصهم على الحياة فقال تعالى : * ( يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ) * أى يتمنى الواحد منهم أن يعيش دهورا كثيرة ، ليس من عادة الناس أن يحبوا بلوغها ، لأنها تؤدى بهم إلى أرذل العمر ، وعدم طيب العيش .
فالجملة الكريمة مستأنفة لإظهار مغالاتهم في التهالك على الدنيا ولتحقيق عموم النوعية في الحياة المنكرة ، ولدفع ما يظنه بعض الناس من أن حرصهم على الحياة مهما اشتد فلن يصل بهم إلى تمنى أن يعيش الواحد منهم ألف عام ، أو أكثر ، فجيء بهذه الجملة الكريمة . لتحقيق أن تعلقهم بالدنيا يشمل حتى هذه السن المتطاولة ، التي لا هناء فيها ولا راحة ، والتي استعاذ من بلوغها المؤمنون .
ثم بين - سبحانه - أن تعميرهم الطويل لن ينجيهم من العقوبة ، لأن الموت لا يتركهم مهما


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 235 .

215

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست