responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 198


روى المفسرون في سبب نزول الآية الأولى من هاتين الآيتين آثارا متعددة ، من ذلك ما جاء عن عاصم بن عمرو بن قتادة الأنصارى عن رجال من قومه قالوا : مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة اللَّه وهداه ، أنا كنا نسمع من رجال يهود حين كنا أهل شرك وكانوا أهل كتاب ، عندهم علم ليس عندنا ، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور ، فكنا إذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا : قد تقارب زمان نبي يبعث الآن ، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فلما بعث اللَّه محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم رسولا من عند اللَّه أجبنا حين دعانا إلى اللَّه وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه ، فآمنا به وكفروا به ، ففينا وفيهم نزل قوله - تعالى - * ( ولَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه ) * . . . إلخ الآية » « 1 » .
ومعنى الآيتين الكريمتين : ولما جاء إلى اليهود محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ومعه القرآن الكريم وهو الكتاب الذي أوحاه اللَّه إليه ، مصدقا لما معهم من التوراة فيما يختص ببعثة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ونعته ، وكانوا قبل ذلك يستنصرون به على أعدائهم ، لما جاءهم النبي المرتقب ومعه القرآن الكريم جحدوا نبوته ، وكذبوا كتابه * ( فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكافِرِينَ ) * . بئس الشيء الذي باعوا به أنفسهم . الكفر بما أنزل اللَّه على نبيه محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، وكفرهم هذا كان من أجل البغي الذي استولى على نفوسهم ، والحسد الذي خالط قلوبهم ، وكراهية لأن ينزل اللَّه وحيه على محمد العربي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فباؤا بسبب هذا الخلق الذميم ، بغضب مترادف متكاثر من اللَّه « 2 » - تعالى - * ( ولِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ ) * جزاء كفرهم وحسدهم .
والمراد بالكتاب في قوله تعالى * ( ولَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ ) * القرآن الكريم ، وفي تنكيره زيادة تعظيم وتشريف له ، وفي الأخبار عنه بأنه من عند اللَّه ، إشارة إلى أن ما يوحى به - سبحانه - جدير بأن يتلقى بالقبول وحسن الطاعة لأنه صادر من الحكيم الخبير ، والذي مع اليهود هو التوراة ، ومعنى كون القرآن مصدقا لها ، أنه يؤيدها ويوافقها في أصول الدين ، وفيما يختص ببعثة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وصفته .
وفي وصف القرآن الكريم بأنه مصدق لما معهم ، زيادة تسجيل عليهم بالمذمة لأنهم لم يكفروا بشيء يخالف أصول كتابهم وإنما كفروا بالكتاب الذي يصدق كتابهم .
وقوله تعالى : * ( وكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) * .
بيان لحالتهم قبل البعثة المحمدية ، فإن اليهود كانوا عند ما يحصل بينهم وبين أعدائهم نزاع ،


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 123 . ( 2 ) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج 3 ص 282 للإمام ابن تيمية وقد ساق - رحمه اللَّه - أكثر من عشرة آثار في هذا المعنى عند حديثه عن هذه الآية .

198

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست