نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 161
والسكون في راحة ودعة ، ولذلك قيل للنائم : مسبوت لهدوئه وسكون جسده واستراحته . كما قال - جل ثناؤه - وجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً أى راحة لأبدانكم ، وهو مصدر ، من قول القائل سبت فلان يسبت سبتا « 1 » . وملخص قصة اعتداء بنى إسرائيل في يوم السبت ، أن اللَّه - تعالى - أخذ عليهم عهدا بأن يتفرغوا لعبادته في ذلك اليوم ، وحرم عليهم الاصطياد فيه دون سائر الأيام ، وقد أراد - سبحانه - ان يختبر استعدادهم للوفاء بعهودهم ، فابتلاهم بتكاثر الحيتان في يوم السبت دون غيره ، فكانت تتراءى لهم على الساحل في ذلك اليوم قريبة المأخذ سهلة الاصطياد فقالوا : لو حفرنا إلى جانب ذلك البحر الذي يزخر بالأسماك يوم السبت حياضا تنساب إليها المياه في ذلك اليوم ثم نصطادها من تلك الحياض في يوم الأحد وما بعده ، وبذلك نجمع بين احترام ما عهد إلينا في يوم السبت ، وبين ما تشتهيه أنفسنا من الحصول على تلك الأسماك ، فنصحهم فريق منهم بأن عملهم هذا إنما هو امتثال ظاهرى لأمر اللَّه ، ولكنه في حقيقته خروج عن أمره من ترك الصيد في يوم السبت ، فلم يعبأ أكثرهم بذلك ، بل نفذ تلك الحيلة ، فغضب اللَّه عليهم ومسخهم قردة ، وجعلهم عبرة لمن عاصرهم ولمن أتى بعدهم . . والحديث عن أصحاب السبت قد جاء ذكره مفصلا في سورة الأعراف « كما جاءت الإشارة إليه في سورتي النحل « 3 » والنساء « 4 » . ثم بين - سبحانه - العقوبة التي حلت بهم بسبب اعتدائهم في يوم السبت ، وتحايلهم على استحلال محارم اللَّه فقال - تعالى - : * ( فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) * . أى : صاغرين مطرودين مبعدين عن الخير أذلاء . والخسوء : الطرد والإبعاد . يقال : خسأت الكلب خسأ وخسوءا - من باب منع - طردته وزجرته ، وذلك إذا قلت له : اخسأ . وجمهور المفسرين على أنهم مسخوا على الحقيقة ثم ماتوا بعد ذلك بوقت قصير . ويرى مجاهد أنهم لم تمسخ صورهم ولكن مسخت قلوبهم ، أى : إنهم مسخوا مسخا نفسيا فصاروا كالقردة في شرورها وإفسادها لما تصل إليه أيديها . وتلك العقوبة كانت بسبب إمعانهم في المعاصي ، وتأبيهم عن قبول النصيحة ، وضعف إرادتهم أمام مقاومة أطماعهم ، وانتكاسهم إلى عالم الحيوان لتخليهم عن خصائص الإنسان ،
( 1 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 327 . ( 2 ) الآيات من 163 - 166 . ( 3 ) الآية 124 . ( 4 ) الآية 154 .
161
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 161