responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 139


رزقكم هذه النعم ، ولكنكم كفرتم بها ، فظلمتم أنفسكم دون أن ينالنا من ذلك شيء ، لأن الخلق جميعا لن يبلغوا ضرى فيضرونى ولن يبلغوا نفعي فينفعونى .
فالآية الكريمة قد أشارت إلى جحودهم النعمة بقوله تعالى : * ( وما ظَلَمُونا ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) * .
وقوله تعالى : * ( وما ظَلَمُونا ) * معطوف على محذوف ، أى فعصوا ولم يقابلوا النعم بالشكر .
ويرى البعض أنه لا حاجة إلى التقدير ، وأن جملة * ( وما ظَلَمُونا ) * معطوفة على ما قبلها لأنها مثلها في أنها من أحوال بنى إسرائيل .
والتعبير عن ظلمهم لأنفسهم بكلمة * ( كانُوا ) * والفعل المضارع * ( يَظْلِمُونَ ) * يدل على أن ظلمهم لأنفسهم كان يتكرر منهم ، لأنك لا تقول في ذم إنسان كان يسيء إلى الناس إلا إذا كانت الإساءة تصدر منه المرة تلو الأخرى .
قال الإمام ابن جرير - رحمه اللَّه - في تفسير قوله تعالى : * ( وما ظَلَمُونا ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) * ما ملخصه : ( هذا من الذي استغنى بدلالة ظاهره على ما ترك منه ، وذلك أن معنى الكلام : كلوا من طيبات ما رزقناكم فخالفوا ما أمرناهم به ، وعصوا ربهم ، ثم رسولنا إليهم ، وما ظلمونا فاكتفى بما ظهر عما ترك ، وقوله * ( وما ظَلَمُونا ) * أى : ما ظلمونا بفعلهم ذلك ومعصيتهم ، وما وضعوا فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا ، ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها فإن اللَّه - تعالى - لا تضره معصية عاص ، ولا يتحيف خزائنه ظلم ظالم ، ولا تنفعه طاعة مطيع ، ولا يزيد في ملكه عدل عادل ، بل نفسه يظلم الظالم وحظَّها يبخس العاصي ، وإياها ينفع المطيع ، وحظها يصيب العادل ) « 1 » .
وبذلك تكون الآيات الكريمة قد ذكرت بنى إسرائيل بنعمة من أعظم النعم وهي تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم ، ولكن بنى إسرائيل لم يشكروا اللَّه على نعمه ، ولذا أرسل اللَّه عليهم رجزا من السماء بسبب ظلمهم وفسقهم .
تاسعا : نعمة تمكينهم من دخول بيت المقدس ونكولهم عن ذلك .
ثم ذكرهم - سبحانه - بعد ذلك بمنة عظيمة مكنوا منها فما أحسنوا قبولها وما رعوها حق رعايتها - وهي تخليصهم من عناء التيه ، والإذن لهم في دخول بلدة يجدون فيها الراحة والهناء ، وإرشادهم إلى القول الذي يخلصهم مما استوجبوه من عقوبات ولكنهم خالفوه فقال تعالى :


( 1 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 397 ، 398

139

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست