responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 132


قال صاحب الكشاف : « فإن قلت : من أين اختص هذا الموضع بذكر البارئ ؟ قلت :
البارئ هو الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت ، ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ومتميزا بعضه عن بعض بالأشكال المختلفة والصور المتباينة ، فكان فيه تقريع بما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم بلطف حكمته على الأشكال المختلفة ، أبرياء من التفاوت والتنافر إلى عبادة البقر التي هي مثل في الغباوة والبلادة ، حتى عرضوا أنفسهم لسخط اللَّه ونزول أمره بأن يفك ما ركبه من خلقهم ، ونثر ما نظم من صورهم وأشكالهم ، حين لم يشكروا النعمة في ذلك ، وغمطوها بعبادة ما لا يقدر على شيء منها « ه « 1 » .
وقوله تعالى : * ( فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) * أمر من موسى - عليه السلام - لهم بقتلهم أنفسهم حتى تكون توبتهم مقبولة ، وهذا الأمر بلغه موسى إياهم عن ربه ، إذ مثل هذا الأمر لا يصدر إلا عن وحى لأنه تشريع من اللَّه - تعالى - .
والمراد بقتلهم أنفسهم أن يقتل من لم يعبد العجل منهم عابديه ، فيكون المعنى : ليقتل بعضكم بعضا ، كما في قوله تعالى : فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّه مُبارَكَةً طَيِّبَةً أى فليسلم بعضكم على بعض .
وقيل : المراد أن يقتل كل من عبد العجل نفسه قتلا حقيقيا حتى يكفر عن ردته بعبادته لغير اللَّه ، وقد ورد أنهم فعلوا ذلك ، وأن اللَّه - تعالى - رفع عنهم القتل وعفا عمن بقي منهم على قيد الحياة كرما منه وفضلا ، وهذا هو معنى التوبة في قوله تعالى « فتاب عليكم » ، ومعنى العفو في قوله تعالى : في الآية السابقة * ( ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * .
وقد ساق ابن كثير وغيره من المفسرين كثيرا من الآثار التي تحدثت عن كيفية حصول هذا القتل ، من ذلك ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، أنه قال : « قال تعالى لموسى : إن توبة عبدة العجل أن يقتل كل واحد منهم من لقى من والد وولد فيقتله بالسيف ولا يبالى من قتل في ذلك الموطن فتاب أولئك الذين كانوا خفى على موسى وهارون ، ما اطلع اللَّه على ذنوبهم فاعترفوا بها . وفعلوا ما أمروا به ، فغفر اللَّه للقاتل والمقتول » « 2 » .
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب الزهري أنه قال : « لما أمر بنو إسرائيل بقتل أنفسهم برزوا ومعهم موسى ، فتضاربوا بالسيوف ، وتطاعنوا بالخناجر وموسى رافع يديه ، حتى إذا فتروا أتاه بعضهم ، فقال له : يا نبي اللَّه ادع اللَّه لنا ، وأخذوا بعضديه يشدون يديه . فلم يزل أمرهم على


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 140 . ( 2 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 92 .

132

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست