responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 116


وقوله تعالى : * ( وأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ ) * عطف على نعمتي ، أى واذكروا تفضيلي إياكم على العالمين ، وهذا التفضيل نعمة خاصة ، فعطفه على * ( نِعْمَتِيَ ) * من عطف الخاص على العام للعناية به ، وهو - أى : التفضيل مبدأ تفصيل النعم وتعدادها ، والمقصود منه الحض على الاتصاف بما يناسب تلك النعم ، ويستبقى ذلك الفضل .
وقد ذكر اللَّه - تعالى - بنى إسرائيل المعاصرين للعهد النبوي بهذه النعم مع أنها كانت لآبائهم . كما يدل عليه سياق الآيات لأن النعم على الآباء نعم على الأبناء لكونهم منهم ، ولأن شرف الأصول يسرى إلى الفروع ، فكان التذكير بتلك النعم فيه شرف لهم ، وحسن سمعة تعود عليهم ، وتغريهم بالإيمان والطاعة - لو كانوا يعقلون - .
ومن مظاهر ، تفضيل اللَّه لبنى إسرائيل على عالمي زمانهم ، جمعه لهم من المحامد قبل بعثة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم . ما لم يجمع لغيرهم . فقد حياهم بكثير من النعم ، وبعث فيهم عددا كبيرا من الأنبياء ، ونجاهم من عدوهم ، ولم يعجل العقوبة عليهم رغم عصيانهم واعتدائهم ، واقترافهم شتى ألوان المنكرات عن تعمد وإصرار ، ولم ينزل بهم قارعة تستأصلهم بذنوبهم كما استأصل غيرهم كقوم عاد وثمود .
ولكن بنى إسرائيل لم يقابلوا نعم اللَّه بالشكر والعرفان . بل قابلوها بالجحود والطغيان فسلبها اللَّه عنهم ، ومنحها لقوم آخرين لم يكونوا أمثالهم ولقد حكى القرآن ألوانا من النعم التي منحها اللَّه لبنى إسرائيل ولكنهم قابلوها بالبطر والكفران فأزالها اللَّه عنهم . من ذلك قوله تعالى :
سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ، ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّه مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْه فَإِنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعِقابِ « 1 » .
أى : سل - يا محمد - بنى إسرائيل المعاصرين لك . سؤال تقريع وتوبيخ . كم آتاهم اللَّه على أيدى أنبيائهم من النعم الجليلة ، والمعجزات الباهرة ، ولكنهم بعد أن جاءتهم هذه الآيات ، وتمكنوا منها وعقلوها قابلوها بالعناد والاستهزاء ، وجعلوها من أسباب ضلالهم مع أنها مسوقة لهدايتهم وسعادتهم ، فكانت نتيجة ذلك أن ضرب اللَّه عليهم الذلة والمسكنة في الدنيا ، وتوعدهم بشديد العقاب في الآخرة .
ومن الآيات التي صرحت بأن اللَّه - تعالى - أعطى بنى إسرائيل نعما وفيرة ، ولكنهم لم يحمدوه عليها . قوله تعالى :


( 1 ) سورة البقرة الآية 211 .

116

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست