نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 66
ووصف المنافقون بهذه الصفات لأنهم وإن كانت لهم آذان تسمع ، وألسنة تنطق ، وأعين تبصر ، إلا أنهم لا يسمعون خيرا . ولا يتكلمون بما ينفعهم ولا يبصرون مسلكا من مسالك الهداية ، ومن كان كذلك كان هو ومن فقد حواسه سواء ، فقد صرف اللَّه عنهم عنايته ووكلهم إلى أنفسهم . ووردت هذه الصفات مجردة من حرف العطف ، فلم يقل : صم وبكم وعمى ، لما عرف من استعمالات البلغاء . أن تجريد أمثال هذه الأوصاف من حرف العطف يفيد تأكيدها ، حيث إن المتكلم قد قصد إلى تقرير كل صفة منها على حدة . ومعنى * ( فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) * ، لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه ، أو لا يرجعون عن الضلالة بعد أن اشتروها . والفاء في قوله - تعالى - * ( فَهُمْ ) * للتفريع أو التسبيب ، لأنها توحى بأن عدم رجوعهم عما هم فيه من النفاق متفرع على تلك الآفات ، ومسبب عن هذه العاهات . ثم ساق - سبحانه - المثل الثاني فقال : * ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيه ظُلُماتٌ ورَعْدٌ وبَرْقٌ ) * . « أو » للتسوية بين الشيئين وهي مفيدة أن التمثيل بأيهما أو بمجموعهما يؤدى إلى المقصود ، فهي مانعة خلو مجوزة للجمع بينهما . و ( الصيب ) - كسيد - المطر ، من الصوب وهو النزول . يقال : صاب صوبا ، إذا نزل أو انحدر ، سمى به المطر لنزوله ، وفي الجملة الكريمة إيجاز بحذف ما دل عليه المقام دلالة واضحة . والتقدير : أو كمثل ذوى صيب . والمعنى أن قصة هؤلاء المنافقين مشبهة بقصة الذي استوقد نارا ، أو بقصة ذوى صيب . والسماء : كل ما علاك من سقف ونحوه ، والمراد بها السحاب . والرعد : الصوت الذي يسمع بسبب اصطدام سحابتين محملتين بشحنتين كهربيتين إحداهما موجبة والأخرى سالبة . والبرق : هو الضوء الذي يحدث بسبب الاصطدام ذاته . وإيراد هذه الألفاظ بصفة التنكير للتهويل ، ويكون المعنى : أو أن مثل هؤلاء المنافقين كمثل قول نزل بهم المطر من السماء تصحبه ظلمات كأنها سواد الليل ، ورعد يصم الآذان ، وبرق يخطف الأبصار وصواعق تحرق ما تصيبه . ثم قال - تعالى - : * ( يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ) * .
66
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 66