نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 640
وأجرى فيه حكم اللَّه من الحبس والتعزير إلى أن تظهر منه التوبة . وإن وقع ممن يكون له عسكر وشوكة ، حاربه الإمام كما يحارب الفئة الباغية ، وكما حارب أبو بكر الصديق ما نعى الزكاة . وقال ابن عباس : من تعامل بالربا يستتاب فإن تاب فبها وإلا ضرب عنقه « 1 » . ثم بين - سبحانه - ما يجب عليهم عند توبتهم عن التعامل بالربا فقال : * ( وإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ ) * . أى : وإن تبتم عن التعامل بالربا الذي يوجب الحرب عليكم من اللَّه ورسوله ، فلكم رؤس أموالكم أى أصولها بأن تأخذوها ولا تأخذوا سواها ، وبذلك لا تكونون ظالمين لغرمائكم ، ولا يكونون ظالمين لكم ، لأن من أخذ رأس ماله بدون زيادة كان مقسطا ومتفضلا ، ومن دفع ما عليه بدون إنقاص منه كان صادقا في معاملته . ثم أمر اللَّه - تعالى - الدائنين أن يصبروا على المدينين الذين لا يجدون ما يؤدون منه ديونهم فقال - تعالى - : * ( وإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) * . والعسرة : اسم من الإعسار وهو تعذر الموجود من المال يقال : أعسر الرجل إذا صار إلى حالة العسرة وهي الحالة التي يتعسر فيها وجود المال . والنظرة : اسم من الإنظار بمعنى الإمهال . يقال : نظره وانتظره وتنظره ، تأنى عليه وأمهله في الطلب . والميسرة : مفعلة من اليسر الذي هو ضد الإعسار . يقال : أيسر الرجل فهو موسر إذا اغتنى وكثر ماله وحسنت حاله . والمعنى : وإن وجد مدين معسر فأمهلوه في أداء دينه إلى الوقت الذي يتمكن فيه من سداد ما عليه من ديون ، ولا تكونوا كأهل الجاهلية الذين كان الواحد منهم إذا كان له دين على شخص وحل موعد الدين طالبه بشدة وقال له : إما أن تقضى وإما أن تربى أى تدفع زيادة على أصل الدين . و * ( كانَ ) * هنا الظاهر أنها تامة بمعنى وجد أو حدث ، فتكتفى بفاعلها كسائر الأفعال . وقيل يجوز أن تكون ناقصة واسمها ضمير مستكن فيها يعود إلى المدين وإن لم يذكر وذلك على قراءة ذا عسرة بالنصب وقوله : * ( فَنَظِرَةٌ ) * الفاء جواب الشرط . ونظرة خبر لمبتدأ محذوف أى فالأمر أو فالواجب أو مبتدأ محذوف الخبر أى فعليكم نظرة . ثم حبب - سبحانه - إلى عباده التصدق بكل أو ببعض ما لهم من ديون على المدينين
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 7 ص 106 .
640
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 640