نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 621
الجملة قد صدرت بإن المؤكدة ، وتليت بلفظ الجلالة الدال على الاستحقاق الكامل للألوهية . قال بعضهم : وإنما قال - سبحانه - : * ( فَإِنَّ اللَّه يَعْلَمُه ) * ولم يقل يعلمها لوجهين : الأول : أن الضمير عائد إلى الأخير - وهو النذر - ، كما في قوله - تعالى - : ومَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِه بَرِيئاً . والثاني : أن الكناية عادت إلى ما في قوله : * ( وما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ ) * لأنها اسم كقوله : وما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ والْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِه « 1 » . وقوله : * ( وما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ) * وعيد شديد للخارجين على طاعة اللَّه أى : ليس للظالمين أى نصير أو مغيث يمنع عقوبة اللَّه عنهم . والمراد بالظالمين : الواضعون للأشياء في غير موضعها التي يجب أن توضع فيها ، والتاركون لما أمرهم اللَّه به ، فيندرج فيهم الذين يبطلون صدقاتهم بالمن والأذى والرياء والذين يتصدقون بالرديء من أموالهم ، والذين ينفقون أموالهم في الوجوه التي نهى اللَّه عنها ، والذين لم يوفوا بنذورهم التي عاهدوا اللَّه على الوفاء بها كما يندرج فيهم كل من ارتكب ما نهى اللَّه عنه أو أهمل فيما كلفه اللَّه به . ثم بين - سبحانه - أن الصدقة متى صدرت عن المسلَّم بالطريقة التي دعت إليها تعاليم الإسلام فإنها تكون مرجوة القبول عند اللَّه - تعالى - سواء أفعلها المسلَّم في السر أم في العلن ، فقال - تعالى - : * ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وإِنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ويُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ واللَّه بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) * . الصدقات : جمع صدقة وهي ما يخرجه المسلَّم من ماله على جهة القربة ، وتشمل الفرض والتطوع ، وهي مأخوذة من الصدق بمعنى صدق النية وتخليصها من كل ما نهى اللَّه عنه ، وسمى - سبحانه - ما يخرجه المسلَّم من ماله صدقة لأن المال بها يزكو وينمو يطهر . والفاء في قوله : * ( فَنِعِمَّا هِيَ ) * واقعة في جواب الشرط ، و * ( فَنِعِمَّا ) * أصلها نعم ما ، فأدغمت إحدى الميمين في الأخرى ، ونعم فعل ماض ، وما نكرة تامة بمعنى شيء ، وهي منصوبة على أنها تمييز ، والفاعل ضمير مستتر في نعم . والمعنى : إن تبدو صدقاتكم - أيها المؤمنون - وتظهروها فنعم شيئا إبداؤها وإعلانها ، لأنه يرفع التهمة ويدعو أهل الخير إلى الاقتداء بهذا الفعل الحسن .
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 7 ص 74 .
621
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 621