responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 59


ما قالوه يجب أن يهمل إهمالا ، بل يجب أن يكون وصفهم بالإفساد قضية مبتدأة مقررة حتى يتلقاها السامع وهو منتبه النفس ، حاضر الذهن .
ثم أكد الجملة بعدة تأكيدات منها : وصل « ألا » « بإن » الدالة على تأكيد الخبر وتحقيقه ، ومنها تأكيد الضمير بضمير منفصل حتى يتم التصاق الخبر بالمبتدأ ، ومنها اسمية الجملة ، ومنها إفادة قصرهم على الإفساد في مقابل تأكيدهم أنهم هم المصلحون .
ولما كان هذا الرد المؤكد عليهم يستدعى عجبا ، لأنهم زعموا أنهم لا حال لهم إلا الإصلاح ، مع أنهم في الحقيقة لا حال لهم إلا الإفساد ، لما كان الأمر كذلك ، فقد أزال القرآن هذا العجب بقوله :
* ( ولكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) * .
أى : أنهم ما قالوه إلا عن غباء استولى على إحساسهم ، ونفى عنهم الشعور بما يصدر عنهم من الفساد ، فأمسوا لا يدركون من شأن أنفسهم شيئا ، ومن أسوأ ألوان الجهل أن يكون الإنسان مفسدا ولا يشعر بذلك ، مع أن أثر فساده ظاهر في العيان ، مرئى لكل ذي حس .
فعدم شعورهم بالفساد الواقع منهم منبئ باختلاف آلات إدراكهم ، حتى صاروا يحسبون الفساد صلاحا ، والشر خيرا .
وليس عدم شعورهم رافعا العقاب عنهم ، لأن الجاهل لا يعذر بجهله خصوصا إذا كان جهله يزول بأدنى تأمل لوضوح الأدلة ، وسطوع البراهين .
ثم بين القرآن أن الناصحين قد أمروهم بالمعروف بعد أن نهوهم عن المنكر فقال :
* ( وإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ ، قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ ) * .
المراد من الناس : المؤمنون بالرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الصادقون في إيمانهم .
السفهاء : جمع سفيه ، وأصل السفه : الخفة والرقة والتحرك والاضطراب يقال : ثوب سفيه ، إذا كان رديء النسج خفيفه ، أو كان باليا رقيقا . وتسفهت الريح الشجر . أى : مالت به . وزمام سفيه : كثير الاضطراب ، لمنازعة الناقة إياه ، وشاع في خفة العقل وضعف الرأى .
وهو المعنى المقصود بالسفهاء في الآية . فقد كان المنافقون يصفون المسلمين بذلك فيما بينهم .
وروى أنهم كانوا يقولون : أنؤمن كما آمن سفيه بنى فلان ، وسفيه بنى فلان ؟ ! فأوحى اللَّه للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بهذا الذي كانوا يقولونه .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم وصفوهم بالسفه وهم العقلاء المراجيح ؟ قلت لأن المنافقين لجهلهم وإخلالهم بالنظر ، اعتقدوا أن ما هم فيه هو الحق ، وأن ما عداه باطل ، ومن

59

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست