responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 58


الفساد : خروج الشيء عن حالة الاعتدال والاستقامة ، وعن كونه منتفعا به ، وضده الصلاح ، يقال : فسد الشيء فسادا ، وأفسده إفسادا .
والمراد به هنا كفرهم ، ومعاصيهم ، ومن كفر باللَّه وانتهك محارمه فقد أفسد في الأرض ، لأن الأرض لا تصلح إلا بالتوحيد والطاعة .
ومن أبرز معاصى هؤلاء المنافقين ، ما كانوا يدعون إليه في السر من تكذيب الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وإلقاء الشبه في طريق دعوته ، والتحالف مع المشركين ضد المسلمين كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا .
وسلك القرآن هذا الأسلوب فقال : * ( وإِذا قِيلَ لَهُمْ ) * بالبناء للمفعول دون أن يسند الفعل إلى فاعله ، لأن مصدر القول المعبر عن النهى عن الإفساد ليس مصدرا واحدا ، فقد يصل آذانهم هذا النهى مرة من صريح القول . وأخرى مما كانوا يقابلون به من ناحية الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأصحابه من تجهم وإعراض .
وعلق بالفعل الذي هو الإفساد قوله : * ( فِي الأَرْضِ ) * إيذانا بأن الإفساد مهما ضاقت حدوده ، فإنه لا بد يوما أن يتعدى الحدود إلى ما وراء ذلك فقد يعم ويشمل إذا لم يشتد في الاحتياط له ، لذلك جعل ظرف إفسادهم الأرض كلها مع أنهم موجودون في بقعة محصورة هي المدينة المنورة .
ولقد حكى القرآن جوابهم على نصيحة الناصحين وما فيه من تبجح وادعاء فقال :
* ( قالُوا : إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) * .
فقد بالغوا في الرد فحصروا أنفسهم أولا في الإصلاح مبالغة المفجوع الذي أذهلته المفاجأة بكشف أستار حقيقته ، فتراهم لم يقتصروا على أن يقولوا : إنا مصلحون بل قالوا « إنما » .
ثم أكدوا الجملة بكونها اسمية ليدلوا بذلك على أن شأنهم في الإصلاح ثابت لازم .
قال الراغب : صوروا إفسادهم بصورة الإصلاح لما في قلوبهم من المرض ، كما في قوله - تعالى - أَفَمَنْ زُيِّنَ لَه سُوءُ عَمَلِه فَرَآه حَسَناً . وقوله : وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ . وقوله : قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً .
ولقد كذبهم اللَّه - تعالى - تكذيبا مؤكدا في دعواهم أنهم مصلحون فقال :
* ( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ولكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) * .
فأنت ترى أن القرآن الكريم قد وضع في الرد عليهم جملة صدرها بأداة الاستفتاح إيذانا بأن

58

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست