responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 56


وقال القرآن : * ( يُخادِعُونَ اللَّه والَّذِينَ آمَنُوا ) * . ولم يذكر مخادعتهم للرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، ولعل الحكمة في ذلك أن القرآن يعتبر مخادعة اللَّه مخادعة لرسوله ، لأنه هو الذي بعثه إليهم ، وهو المبلغ عن اللَّه أحكامه وشرائعه . قال - تعالى - :
إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّه يَدُ اللَّه فَوْقَ أَيْدِيهِمْ وقال - تعالى - مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّه .
ثم بين - سبحانه - غفلتهم وغباءهم فقال : * ( وما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وما يَشْعُرُونَ ) * .
الأنفس : جمع نفس بمعنى ذات الشيء وحقيقته . وتطلق على الجوهر اللطيف الذي يكون به الحس والحركة والإدراك .
ويشعرون : مضارع شعر بالشيء - كنصر وكرم - يقال : شعر بالشيء أى : فطن له ، ومنه الشاعر لفطنته ، لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره من غريب المعاني ودقائقها .
والشعور : العلم الحاصل بالحواس ، ومنه مشاعر الإنسان أى : حواسه .
والمعنى : أن هؤلاء المنافقين لم يخادعوا اللَّه لعلمه بما يسرون ، ولم يخادعوا المؤمنين لأن اللَّه يدفع عنهم ضرر خداع المنافقين ، وإنما يخدعون أنفسهم لأن ضرر المخادعة عائد عليهم ، ولكنهم لا يشعرون بذلك . لأن ظلام الغي خالط قلوبهم ، فجعلهم عديمي الشعور ، فاقدى الحس .
وأتى بجملة « وما يخدعون إلا أنفسهم » ، بأسلوب القصر مع أن خداعهم للمؤمنين قد ينالهم بسببه ضرر ، لأن أولئك المنافقين سيصيبهم عذاب شديد بسبب ذلك ، أما المؤمنون فحتى لو نالهم ضرر فلهم عند اللَّه ثوابه .
ونفى عنهم الشعور مع سلامة مشاعرهم ، لأنهم لم ينتفعوا من نعمتها ، ولم يستعملوها فيما خلقت له ، فكانوا كالفاقدين لها .
ثم بين - سبحانه - العلة في خداعهم للَّه وللمؤمنين فقال : * ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) * .
والمرض : العلة في البدن ونقيضه الصحة ، وقد يستعمل على وجه الاستعارة فيما يعرض للمرء فيخل بكمال نفسه ، كسوء العقيدة والحسد ، والبغضاء والنفاق ، وهو المراد هنا .
وسمى ما هم فيه من نفاق وكفر مرضا ، لكونه مانعا لهم من إدراك الفضائل . كما أن مرض الأبدان يمنعها من التصرف الكامل .
وجعل القرآن قلوبهم ظرفا للمرض ، للإشعار بأنه تمكن منها تمكنا شديدا كما يتمكن الظرف من المظروف فيه .

56

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست