responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 559


للحرية يدعوه إلى أن يحرض المسلمين على القتال في سبيل حقهم المسلوب ، وأن يحذرهم من سوء عاقبة الجبن والخنوع .
ومع أننا لا نشك في الدوافع الطيبة والبواعث الكريمة التي جعلت الأستاذ الإمام يتجه هذا الاتجاه ، إلا أننا لا نتردد في اختيار ما ذهب إليه المفسرون من أن الموت والحياة في الآية حسيان حقيقيان ، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة ، ولأنه يتجه اتجاها أعم من اتجاه الإمام محمد عبده ، لأن المفسرين يرون أن الآية واضحة في إثبات قدرة اللَّه وفي صحة البعث ، وفي الحض على القتال في سبيل اللَّه .
قال بعض العلماء : قوله - تعالى - : * ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا ) * الآية . كان المشركون يستفتون اليهود في كثير من الأمور وكانت هذه القصة معلومة لليهود في أسفارهم وتواريخهم ، فنزل القرآن بالإشارة إليها ليرتدع المشركون عما هم فيه من الضلال وإنكار البعث ، ويعلموا أن دلائل القدرة على البعث مشهورة ، وأن عند اليهود منها ما لو رجعوا إليهم فيه لعلموا أنه حق لا ريب فيه . وفي ذكر هذه القصة مع ذلك تشجيع للمؤمنين على الجهاد والتعرض للشهادة ، وتمهيد لما بعد هذه الآية » « 1 » .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( إِنَّ اللَّه لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) * أى : إن اللَّه - تعالى - لصاحب تفضل دائم على الناس حيث أوجدهم بهذه الصورة الحسنة ، وخلق لهم عقولا ليهتدوا بها إلى طريق الخير ، وسخر لهم الكثير مما في هذا الكون . فمن الواجب عليهم أن يشكروه وأن يطيعوه ، ولكن الذي حدث منهم أن أكثرهم لا يشكرون اللَّه - تعالى - على ما منحهم من نعم .
وفي قوله : * ( ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) * إنصاف للقلة الشاكرة منهم ، ومديح لهم على استقامتهم وقوة إيمانهم .
ثم أمر اللَّه - تعالى - عباده بالجهاد في سبيله فقال : * ( وقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه واعْلَمُوا أَنَّ اللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) * .
والسبيل : الطريق . وسميت المجاهدة سبيلا إلى اللَّه لأن الإنسان يسلكها فيصل إلى ما يرضى اللَّه ، ويعلى كلمته . ويعز دينه .
أى ، قاتلوا أيها المسلمون في سبيل إعلاء كلمة اللَّه ، والدفاع عن دينه ، واعلموا أنه - سبحانه - عليم بكل أقوالكم صالحها وطالحها ، عليم بكل ما يدور في نفوسكم وخواطركم ،


( 1 ) صفوة البيان لمعانى القرآن ص 80 لفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف .

559

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست